جَسَدٌ لأضربِ الظلالْ
وعليك أن تمشي بلا طُرُقٍ
وراءً، أو أماماً, أو جنوباً أو شمالْ
وتحرِّكَ الخطواتِ بالميزانِ
حين يشاءُ مَنْ وهبوك قيدَكْ
ليزيِّنوك ويأخذوكَ إلى المعارض كي يرى الزُوِّار مجدَكْ
كَمْ كنتَ وحدكْ !
هي هجرةٌ أُخرى...
فلا تكتتب وصيتكَ الأخيرةَ والسلاما.
سَقَطَ السقوطُ , وأنت تعلو
فكرةً
ويداً
و...شاما!
لا بَرَّ إلاّ ساعداكْ
لا بحرَ إلاّ الغامضُ الكحليُّ فيكْ
فتقمَّصِ الأشياء خطوتَك الحراما
واسحبْ ظلالكَ عن بلاطِ الحاكمِ العربيِّ حتى لا يُعَلِّقها
وساماً
واكسرْ ظلالك كُلَّها كيلا يمدُّوها بساطاً أو ظلاما.
كسروكَ , كم كسروكَ كي يقفوا على ساقيك عرشا
وتقاسموك وأنكروك وخبَّأوك وأنشأوا ليديكَ جيشا
حطُّوك في حجرٍ... وقالوا: لا تُسَلِّمْ
ورموك في بئرٍ.. وقالوا : لا تُسَلِّمْ
وأَطَلْتَ حربَكَ ’ يا ابن أُمِّي,
ألف عامٍ ألف عامٍ في النهارِ
فأنكروكَ لأنهم لا يعرفون سوى الخطابة والفرارِ
هم يسروقون الآن جلدكْ
فاحذرْ ملامحهم...وغمدَكْ
كم كنتَ وحدكَ ’ يا ابن أُمِّي,
يا ابن أكثرَ مِنْ أَبٍ,
كَمْ كُنْتَ وحدكْ !
والآن والأشياءُ سَيِّدَةٌ، وهذا الصمتُ عالٍ كالذبابهْ
هل ندركُ المجهول فينا ؟ هل نُغَنِّي مثلما كنا نُغَنِّي؟
سقطتْ قلاعٌ قبلَ هذا اليومِ، لكن الهواء الآن حامضْ
وحدي أدافع عن جدارٍ ليس لي
وحدي أدافع عن هواءً ليس لي
وحدي على سطح المدينة واقفٌ...
أَيُّوبُ ماتَ, وماتتِ العنقاءُ، وانصرفَ الصَّحابَهْ
وحدي . أراود نفسيَ الثكلى فتأبي أن تساعدني على نفسي
ووحدي
كنتُ وحدي
عندما قاومت وحدي
وحدةَ الروحِ الأخيرهْ
لا تَذْكُرِ الموتى، فقد ماتوا فُرادى أَو.. عواصمْ
سأراك في قلبي غداً, سأراك في قلبي
وأجهشُ يا ابن أُمِّي باللُغَهْ
لغةٍ تُفَتِّشُ عن بينها، عن أراضيها وراويها
تموتُ ككُل مَنْ فيها وتُرمى في المعاجمْ
هي آخرُ النَّخل الهزيلِ وساعةُ الصحراءِ،
آخرُ ما يَدُلُّ على البقايا
كانوا، ولكنْ كُنْتَ وحدك
كم كنتَ وحدكَ تنتمي لقصيدتي، وتمدُّ زندكْ،
كي تُحوِّلها سَلالِمَ، أو بلاداً، أو خواتمْ
كَم كنتَ وحجكَ يا ابن أُمي
يا ابن أَكثرَ من أَبٍ
كَمْ كنتَ وحدكْ!....
والآن ’ والأشياءُ سَيِّدَةٌ, وهذا الصمت يأتينا سهاما
هل ندركُ المجهولَ فينا . هل نغني مثلما كنا نغنيِّ؟
آه , يا دمنا الفضيحة, هل ستأتيهم غماما,
هذه أُمم تَمرُّ وتطبخ الأزهار في دمنا
وتزدادُ انقساما
هذه أُممٌ تفتِّش عن إجازتها مِنَ الجَمَل الزخرفِ...
هذه الصحراءُ تكبر حولنا
صحراءُ من كل الجهاتْ
صحراءُ تأتينا لتلتهم القصيدةَ والحساما
الله أَكبرْ
هذه آياتنا، فاقرأُ
باسم الفدائيَّ الذي خَلَقَا
مِن جُرْحِهِ شَفَقا
باسم الفدائيَّ الذي يَرحَلْ
من وقتِكم.. لندائِهِ الأوِّلْ
الأوَّلِ الأوَّلْ
سَنُدمِّرُ الهيكلْ
باسم الفدائيِّ الذي يبدأْ
إقرأْ
بيروتُ صُورتُنا
بيروتُ سورتُنا
بيروتلا
ظهري امام البحرِ أسوارٌ و.. لا
قد أَخسرُ الدنيا .. نَغَمْ !
قد أَخسرُ الكلماتِ....
لكني أَقول الآن : لا
هي آخر الطلقاتِ – لا.
هي ما تبقَّى من هواء الأرضِ – لا
هي ما تبقَّى من نشيجِ الروحِ – لا
بيروت – لا
نامي قليلاً، يا ابنتي، نامي قليلا
الطائراتُ تضُّني. وتعضُّ ما في القلب من عَسَلٍ
فنامي في طريق النحل ’ نامي
قبل أن أصحو قتيلا
الطائراتُ تطير من غُرَفٍ مجاورةٍ الى الحمَّام , فاضطجعي
على درجات هذا السُّلّم الحجريِّ، انتبهي إذا اقتربتْ
شظاياها كثيراً منكِ وارتجفي قليلا
نامي قليلا
كُنَّا نحبُّك’ يا ابنتي,
كنا نَعُدُّ على أصابع كفِّك اليُسرى مسيرتَنا
ونُنْقِصُها رحيلا
نامي قليلا
الطائراتُ تطيرُ، والأشجارُ تهوي،
والمباني تخبز السُكَّانَ ’ فاختبئي بأُغنيتي الأخيرةِ، أو بطلقتيَ
الأخيرةِ، يا ابنتي
وتوسّديني كنتُ فحماً أَم نخيلا
نامي قليلا
وتَفَقَّدي أزهارَ جسمكِ،
هل أُصيبتْ؟
واتركي كفِّي, وكأسَيْ شاينا, ودعي الغَسيلا
نامي قليلا
لو أَستطيع أَعدتُ ترتيب الطبيعةِ:
ههنا صفصافةٌ... وهناك قلبي
ههنا قَمَرُ التردُّد
ههنا عصفورةٌ للانتباهِ
هناكَ نافذةٌ تعلِمكِ الهديلَ
وشارعٌ يرجوكِ أن تَبْقَي قليلا
نامي قليلا
كُنَّا نحبكِ، يا ابنتي,
والآن، نعبدُ صمتَك العالي
ونرفعهُ كنائس من بَتُوْلا
هل كنتِ غاضبةً علينا، دون ان ندري.. وندري
آهِ مِنّا ... آهِ ماذا لو خَمَشْنا صُرَّةَ الأُفقِ.
قد يَخْمِشُ الغرقى يداً تمتدُّ
كي تحمي من الغَرَقِ
بيروت – لا
ظهري أمام البحر أسوارٌ و....لا
قد أَخسر الدنيا ’ نَعمْ,
قد أَخسر الكلماتِ والذكرى
ولكني أَقول الآن : لا
هي آخرُ الطلقاتِلا.
هي ما تبقَّى من هواء الأرض – لا
هي ما تبقَّى من حطامِ الروحِ – لا
بيروت – لا
أَشلاؤنا أَسماؤنا. لا .. لا مَفَرُّ