أيُّهَا النّاسُ ! أيُّ قَلبٍ لا يَنصَدِعُ لِقَتلِهِ ، أم أيُّ فُؤادٍ لا يَحِنُّ إلَيهِ ، أم أيُّ سَمعٍ يَسمَعُ هذِهِ الثُّلمَةَ الَّتي ثَلِمَت فِي الإِسلامِ ولا يُصِمُّ ؟ ! أيُّهَا النّاسُ ! أصبَحنا مَطرودينَ مُشَرَّدينَ ، مَذودينَ شاسِعينَ عَنِ الأَمصارِ كَأَنَّنا أولادُ تُركٍ أو كابُلَ [8] ، مِن غَيرِ جُرمٍ اجتَرَمناهُ ، ولا مَكروهٍ ارتَكَبناهُ ، ولا ثُلمَةٍ فِي الإِسلامِ ثَلَمناها ، ما سَمِعنا بِهذا في آبائِنَا الأَوَّلينَ «إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ » . وَاللَّهِ لَو أنَّ النَّبِيَّ صلى اللَّه عليه وآله تَقَدَّمَ إلَيهِم في قِتالِنا كَمّا تَقَدَّمَ إلَيهِم فِي الوِصايَةِ بِنا ، لَما زادوا عَلى ما فَعَلوا بِنا ، فَإِنّا للَّهِِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ، مِن مُصيبَةٍ ما أعظَمَها ، وأوجَعَها وأفجَعَها ، وأكَظَّها [9] ، وأفظَعَها ، وأمَرَّها ، وأفدَحَها ، فَعِندَ اللَّهِ نَحتَسِبُ فيما أصابَنا وأبلَغَ بِنا ، إنَّهُ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ . قالَ الرّاوي : فَقامَ صوحانُ بنُ صَعصَعَةَ بنِ صوحانَ - وكانَ زَمِناً - فَاعتَذَرَ إلَيهِ [أي عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ] صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ بِما عِندَهُ مِن زَمانَةِ رِجلَيهِ ، فَأَجابَهُ بِقَبولِ مَعذِرَتِهِ ، وحُسنِ الظَّنِّ بِهِ ، وشَكَرَ لَهُ وتَرَحَّمَ عَلى أبيهِ.
📚الملهوف: ص 226 .
[1] وقع في اسمه اختلاف ، فذكر مرّة «بشر» واُخرى «بشير» ، وكذا في اسم أبيه حيث ذكر «حذلم» و«جذلم» و«خديم» .
[2] الجَدعُ: قطع الأنف (الصحاح : ج 3 ص 1193 «جدع») .
[3] الشَّحطُ: البُعد (الصحاح: ج 3 ص 1135 «شحط»).
[4] الشَّاسِعُ والشَسوعُ: البعيد (الصحاح: ج 3 ص 1237 «شسع»).
[5] المَضَضُ : وجع المصيبة (الصحاح: ج 3 ص 1106 «مضض»).
[6] اللَّذعُ : حرقة كحرقة النار (لسان العرب : ج 8 ص 317 «لذع»).
[7] الجائحة: كلّ مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة (النهاية : ج 1 ص 312 «جوح»).
[8] لم يكن التُّركُ والأفاغنة عندئذٍ من المسلمين.
[9] كَظَّهُ: بَهَظَهُ وكَرَبهُ وَجَهَدَهُ (القاموس المحيط : ج 2 ص 398 «كظظ») .
🔸 #ثانيا:
عن أبي جعفر [الباقر] عليه السلام : لَمّا دَخَلوها [أي دَخَلَ الأَسرَى المَدينَةَ] خَرَجَتِ امرَأَةٌ مِن بَني عَبدِ المُطَّلِبِ ، ناشِرَةً شَعرَها ، واضِعَةً كُمَّها عَلى رَأسِها ، تَلَّقاهُم وهِيَ تَبكي وتَقولُ: أن تُخلِفوني بِسوءٍ في ذَوي رَحِمي.
📚تاريخ الطبري : ج 5 ص 390.
الثلاثة الأخيرة «زينب بنت عقيل» بدل «امرأة من بني عبد المطّلب»
🔸 #ثالثا:
عن أبي هياج عبد اللَّه بن عامر : لَمّا أتى نَعيُ الحُسَينِ عليه السلام إلَى المَدينَةِ ، خَرَجَت أسماءُ بِنتُ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنها في جَماعَةٍ مِن نِسائِها حَتَّى انتَهَت إلى قَبرِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَلاذَت بِهِ وشَهِقَت عِندَهُ ، ثُمَّ التَفَتَت إلَى المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ ، وهِيَ تَقولُ :
خَذَلتُم عِترَتي أو كُنتُم غُيَّباً
ما كانَ عِندَ غَداةِ الطَّفِّ إذ حَضَروا
قالَ : فَما رَأَينا باكِياً ولا باكِيَةً أكثَرَ مِمّا رَأَينا ذلِكَ اليَومَ.
📚الأمالي للمفيد: ص 319 الرقم 5.
🔸 #رابعا:
خَرَجَت أمُّ لُقمانَ بِنتُ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ حينَ سَمِعَت نَعيَ الحُسَينِ عليه السلام حاسِرَةً ، ومَعَها أخَواتُها : اُمُّ هانِئٍ وأسماءُ ورَملَةُ وزَينَبُ بَناتُ عَقيلِ بنِ أبي طالِبٍ رَحمَةُ اللَّهِ عَلَيهِنَّ ، تَبكي قَتلاها بِالطَّفِّ وهِيَ تَقولُ: أنتُخلِفوني بِسوءٍ في ذَوِي رَحِمي.
📚الإرشاد : ج 2 ص 124.
🔸 #خامسا:
عن الحارث بن كعب : قالَت لي فاطِمَةُ بِنتُ عَلِيٍّ عليه السلام : قُلتُ لِاُختي زَينَبَ : يا اُخَيَّةُ ! لَقَد أحسَنَ هذَا الرَّجُلُ الشّامِيُّ [نُعمانُ بنُ بَشيرٍ] إلَينا في صُحبَتِنا ، فَهَل لَكِ أن نَصِلَهُ ؟ فَقالَت : وَاللَّهِ ما مَعَنا شَيءٌ نَصِلُهُ بِهِ إلّا حُلِيُّنا . قالَت لَها : فَنُعطيهِ حُلِيَّنا ، قالَت : فَأَخَذتُ سِواري ودُملُجي [1] وأخَذَت اُختي سِوارَها ودُملُجَها ، فَبَعَثنا بِذلِكَ إلَيهِ وَاعتَذَرنا إلَيهِ ، وقُلنا لَهُ : هذا جَزاؤُكَ بِصُحبَتِكَ إيّانا بِالحَسَنِ مِنَ الفِعلِ . فَقالَ : لَو كانَ الَّذي صَنَعتُ إنَّما هُوَ لِلدُّنيا كانَ في حُلِيِّكُنَّ ما يُرضيني ودونه ، ولكِن وَاللَّهِ ما فَعَلتُهُ إلّا للَّهِِ ولِقَرابَتِكُم مِن رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله.
📚 تاريخ الطبري : ج 5 ص 462.
[1] الدُّملُجُ : المِعْضَدُ من الحُليّ (النهاية : ج 2 ص 134 «دملج»).
#أنتهى ②
@ZADCOM