(شرح الفقه على وجه ينتفع به العوام)
يتفاوتُ العلماء في طريقة عرضهم للعلم، وتوضيحهم له، بيد أن من نعم الله على العالم أن يرزقه حسن عرض العلم، فإن هذا أدعى لأن يزيد نفعه، ويعظم أثره، ويكثر تلاميذه، فإن تيسر له مع هذا أن يفهم منه العامي ما يحتاج فهمه، فإن هذا خير، إذ العوام هم السواد الأعظم، ولا بد أن يتصدى لهم علماء يعلمونهم، وبطبيعة الحال فليس المراد من هذا أن تكون دروس العلم بأسلوب العامة، وإنما أن يكون للعامة خطاب يفهمونه إذا خوطبوا، وليس من مناقب العالم ألا يفهم له إلا طلبة العلم أو كبارهم، في كل حال، وقد قال ابن عقيل: (كان من أصحاب القاضي أبي يَعْلَى أرباب الحلق: ابن الباز كردي، وابن زِبِبْيَا، فقيهان مفتيان، ولهما حلقتان بجامع الرصافة، يقصَّان الفقه شرحا للمذهب على وجه ينتفع به العوام). (الذيل على طبقات الحنابلة 1/5)
وإن من عطايا الله لمن بذل علمه لتعليم العامة أحياناً أن يرزق سهولة العبارة، ويسر توصيل المعلومة، لأنه سيحتاج لأن يراعيهم في ذلك، فيعتاد لسانه توضيح العلم، والعلم ليس القصد فيه توعير الطريق، بل الاستفادة والفهم، رزقنا الله وإياك ذلك.
#تأملات في سير النبلاء (3)