View in Telegram
انها واحدة من أقسى نوبات الحزن، أن تكون صامتًا تمامًا، لا أقصد أن تنعزل عن الناس، أو تتجنب الحديث مع أحدهم، هناك صمت آخر، ذلك الصمت الذي يجعلك تتحدث مع الجميع عن تفاصيل حياتهم العادية، تسمع أوجاعهم ومتاعبهم في الحياة، تُقدم لهم النصائح وترشدهم إلى الطريق الذي تراه صحيحًا، تُهوّن عليهم مأساتهم، وتُخفف عنهم أثقالهم، لكنك صامت أمام نفسك، لا تقدر على الحديث معها، تخشى مواجهتها، تخاف الهدوء الذي يسمح لك بالإختلاء بها، والتفكير في أمر حياتك التي تنهار تدريجيًا، كل الأوجاع التي بداخلك تزداد، ورغبتك في الحياة تنعدم رويدًا رويدًا، والشغف اختفى تماماً من حياتك، لكنك تواصل مهامك اليومية لأنك تعرف أن الحياة لا تنتظرك ولا تتوقف لأجلك، تنجبر على الصمت لإيمانك أن ما بداخلك لن يستوعبه، لن يُقدره، لن يفهمه أحد، لا جدوى من الكلام، لا جدوى من النقاش، لا جدوى حتى من البكاء، وإيمانك أنك لن تسمع سوی صدى صوت صراخك يجعلك تكتم كل أصوات وأنين الحزن في صدرك، إنها واحدة من أقسى نوبات الحزن، أن تكون في خصامٍ طويل مع نفسك، وكأنك غريب عنها، غريب جدًا لدرجة أنك لم تعد تعرفها .
Telegram Center
Telegram Center
Channel