الأسرى إذا طال حبسُهم، المُطارَدون إذا طال شَعَثُهم، المرضى إذا طالت أسقامُهم، المكتئبون إذا طال غمُّهم، المساكين إذا طال عَوَزُهم؛ أطيلوا أنفاس نفوسكم فيهم يَطُلْ فيكم عونُ الله، قد أفلح المواسون.
اللهَ اللهَ لا تألفوا آلام المُتعَبين؛ الأيامُ دُوَلٌ والليالي حُبَالَى»
يا شبابَ الأمة، أعِدَّوا لهم ما استطعتم مِن: عِلْمٍ عملٍ دعاءٍ تقوى مالٍ رياضةٍ افعلوا ما أنتم عليه قادرون، ولا تقعدوا مُتحسِّرينَ عما أنتم عنه عاجزون ! فالمسلمُ لا يعرفُ اليأس.
يتسابق الصّادق مع نفسه، ينافسها ألفًا ويغلبها ألفًا، تدور معارك النَّفس دون عين أحد! حربٌ بينه وهواه، سِجالٌ خَفِيّ، وصِدقٌ يُكابِدُ صاحبه! له في السِّرّ أسرار، وفي الظِّلّ أقمار، هادئ الوجه، مشتعل الرّوح، يستَظِلُّ بإخلاصٍ يُؤدّبه، وصدقٍ يُهذّبه!
يتّكئ على عُمق سجدته، سَلواهُ دفءُ دمعته، قُرّة عينهِ أُمّته، شابَ شبابُه، وقَلّ سرابُه، يعلم الوجهة، يسيرُ بدبيبٍ هادئٍ، وسكينةٍ غالية، يدفع لله عُمرًا، وللجنّة مهرًا، وما زال يُحاول! #قصي_عاصم_العسيلي
الرّجل لا يمنّ على أهل بيته بأنّه يشقى ويتعب من أجلهم، لأنّ غريزته هي التي تدعوه إلى الاهتمام بمن هم تحت رعايته أوّلًا، ولأنّ هذا هو واجبه الدّيني والأخلاقي
ثانيًا، ولأنّ المحبّ لا يمنّ ثالثًا. ورغم ذلك فالرّجل يتوقّع أن يقابَل ذلك بالاعتراف له بالفضل والإكرام، ولا بدّ أن يعي أيضًا بأنّه لا بدّ أن يستمرّ في واجبه وإن لم يقابَل ما يتوقّع وهذه حقيقة كونه رجلًا.
حكت "برلنتي عبد الحميد" الممثلة، زوجة المشير "عبد الحكيم عامر" وزير الحربية المصري الأسبق، كيف كان أول حوار بينهما، فتقول: إنه سألها: ماذا تقرئين؟ فذكرت له دوستويفسكي وتشيخوف وغيرهما من الروائيين والأدباء الغربيين. فقال لها: قرأت تفسير القرآن؟ قرأت للجاحظ؟ تعرفي الشعر العربي؟ ..إلخ هذه الأسئلة، فكان ردها بالنفي، فقال لها: إذن أنت لم تقرئي شيئا من الأدب.
هذه كانت عقلية رجل ليس متخصصا في الأدب، بل هو ضابط حربية. وكذلك عند قيام "الضباط الأحرار" بثورة (يوليو ١٩٥٢) اختاروا أحسنهم في الأدب وهو "جمال حماد" وكان ضابطًا مثلهم، ليكتب بيان الثورة.
وهذا أهم فارق بين الأجيال السابقة وأجيالنا؛ فحتى من يسمون بالمثقفين في عصرنا يكفي أحدهم أن يقرأ بعض الروايات والقصص وبعض كتب السياسة والأفكار ليدعي أنه قارئ ومثقف!وقديما كانوا يقرؤون أصول الأدب الحقيقية ولا يدّعي أحدهم شيئا.
ويمكننا هنا لمزيد فائدة تقسيم القراءة إلى نوعين: نوع تجد له لذة، ويذهب بك في خيالات ويحرك فيك مشاعر، وربما تتصور به نوعا من الدنيا وتتمناه، وتنقم به على أخرى، ولا يمكن تحقيقه. وذلك مثل قراءة الروايات وبعض أنواع الأدب، حين تُقرأ في غير محلها، أو تكون كل قراءاتك.
ونوعٌ آخر هو الذي يروي قلبك، ويمتعك، غير أنه أيضا يفيدك في كل الجوانب؛ وذلك كمعرفة تفسير كتاب الله، وشرح سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة سيرته، والاطلاع على أحكام الفقه، وتاريخ الأمة، ولغتها، وأدبها، حتى لو لم تتعمق فيها، أو تتخصص في بعضها، مع قراءة الروايات والأفكار وغيرها. فمجرد قراءتك فيها تغير تفكيرك، وتؤثر في عقلك بالإيجاب، وتريك طريق سلوكك في أمور حياتك وآخرتك ونحو ذلك.
جئت أُذكّرك بالحُلم الذي كتبته على ورقةٍ ذات يوم، أنّك [الحافظ لكتاب الله]، وأنّك سَتُتِمّ القرآن حفظًا، تبلغ الآية الأخيرة، وتقرأ من محفوظ صدرك! تذكر هذا الحلم؟ إن كُنت ساعيًا له فأتَمَّ الله سَعيَك، وإن نَسيت الحُلم، فقد ذَكَّرتُك به ^^
أصدُقُك؟ والله إنّي حريص على حلمك أكثر منك، لذلك لن أنساكَ، دعاءً، وتذكيرًا، وسؤالًا كلّ حين، كُن بخير، يا حافظ القرآن 🌱 #قصي_عاصم_العسيلي
يُحرّك الدّعاء هِمّة صاحبه، وينقله من العجز إلى العمل، ومِن الهوان إلى الميدان! أن يستخدمك الله، بثغرٍ يُحبّه ويرضاه، يعني أن تنتقل من إطار "المفعول به" إلىٰ إطار "الفاعل" ~
ليست بتلك الوَرديّة الحالِمة، ولا هي مَبنيّة على خرافةٍ فارغة، إنّما هي ميدان، فيه من الجهاد والجهد ما فيه، يربّي في الميدان نفسه، ويتابع زاده القلبيّ الخَفِيّ، ويرتّب جدوله الذّاتي، ولحظاته الفرديّة، وتزكية روحه، والارتقاء بها في مقامات العبوديّة، حتّى تستقيم! فيَصير الإخلاص رفيقه، والصّدق قلبه، والآخرة مساره.
ثم يرتّب زاده الفكري، بين تأصيلٍ شرعيٍ، ووردٍ قرآني، وسيرَةٍ تربويّةٍ حَرَكيّة، ينظر فيها جوانب البناء والعمل، وثقافةٍ واسعة في جوانب الحياة، وامتلاك مفاتيح العلوم ولو قشورها، وفقهًا عميقًا للواقع، وقراءةً جيّدة للنّفوس، وبحثًا ودراسةً وسؤالًا هنا وهناك!
ثمّ يرتّب زاده الميدانيّ، حتى يكون للعطاء دَور وللغرس مكان، فيبدأ بتأسيس مشروعه وأفكاره وأحلامه واقعًا يحياه، فلا يجلس فارغًا دون انصهارٍ بحُلمه، يبدأ بالخطة والخطوة والتّحليل والتنفيذ والقياس، وتعديل الخريطة وإعادة النَّظَر، وتشكيل الفريق الفاعل، وزرع بذور الهمم.
ثم يرتّب زاده النّخبويّ، ليختار أكتافًا تربّت على يده، وقرأت فكره، وعاشت لحظته، وسارَت بقدمه، وتَنَفَّسَت مساره، وشاركت خطوته، فيبدأ بتأسيس القلب، وترتيب العقل، وإشغال الوقت، وتأسيس المشاريع الحَيّة، والنقاط الحَراريّة، وإشعال فتيل الهَمّ، وحمل المسؤوليّة، وتمكين الأدوار، والعَيش للآخرة.
ليست سهلة، ولا هي حياة يستطيعها كلّ أحد، ولا هو مسارٌ يُقطَع بالحُلم فقط! ولا يوفّق له إلا مَن اجتهد في تفريغ قلبه إلّا من اللّه! ليست سهلة، مكابدة دائمة، ومخاطر عائمة، يُوَدّع فيها النّوم، وينسى الرّاحة، ويثبّت النَّظر، ويجاهد ألف شيء في باطنه ولو ذَبُلَ ظاهره.
"أخشى أن يمضي بك العمر لتكتشف متأخرًا أنّ تعاستك كان منبعها رأسك، أنّ هزيمتك جاءت من أفكارك، أنّ خوفك هو الذي كبَّل خُطاك، أنّك كنتَ تستطيع أن تسلك الطّريق بشكلٍ آخر فقط لو تنحَّت عنك خواطرك القلقة المضطربة...
أخشى أن يمضي بك العمر لتكتشف متأخرًا -متأخرًا جدًا- أنّكَ عشتَ حياة لم تكن تتمنّاها لا لشيء سوى أنّك دون مقاومة، فعلتَ ذلك بنفسك!"
- "كلمتان وودت ألا أصرّح بهما لا في قريب عاجل ولا بعيد آجل أملا في أن تغييرا قد يحدث ويعيد شوكة البوصلة نحو مسارها الذي يفترض به أن يكون صحيحا لكن تسييس القضية الفلسطينية وحصرها حول مجموعة شيعية طائفية من جهة، وصمت المقاومة الفلسطينية وعدم توضيح بعض النقاط التي لا يفترض بها ألا تقابل بالصمت مطلقا رمت بهمّ فلسطين المغتصبة في زواية أظلم وأشد إيلاما في أنفسنا عليها! ولله الأمر من قبل ومن بعد."
أحدهما التحق بزوجه وابنه؛ الآن الآن يحتضن ابنه، ويُطيل الحضن كما يشاء، الآن الآن يلمسه ويعلم أنّه حقيقة لا حلم، الآن الآن يُرضي الشَّوق، هنيئًا له! والآخر التحق بزملائه، كان قد صوّر أحد مجازر اللّيلة الماضية، ثمّ ذهب إلى منزله، واستمرّ بتصوير القصف الّذي لم يتوقّف؛ حتّى توقّف هو عن الحياة؛ إذ كان بيته المُستهدَف. رحل بعد أن أدّى ما عليه تجاه أمَّته؛ وكلٌّ له ثغر، إن لزمه فاز ونجا. وإنّي لأحسب كلَّ مَن استشهد في غزَّة قد نجا؛ إن مات على الجادَّة. تقبّلهما الله، وجعلهما مِن أهل الجنّة. تقبّل الله كلّ الشُّهداء، وجعلهم مِن أهل الجنّة. هنيئًا لآل غزَّة الاصطفاء!
يؤلمني جدًّا أن نكتب عن الشّهداء -كما نحسبهم، ولا نُزكّي على الله أحدًا- بأعدادهم؛ اكتبوا عن الشُّهداء بأسمائهم، شاركوا صورهم، تحدّثوا عنهم، لا تنسوهم. كلّ شهيد غالٍ عندنا، كلّ شهيد هو حياة سُلبت منّا. هؤلاء إخواننا، مسلمون، قطرة الدّم الواحدة منهم غالية علينا. تحدّثوا عمّن تعرفون، اكتبوا عن تفاصيلهم الّتي عاشوها، وتألّموا لما كانوا يأملون أن يعيشوه ولم يفعلوا. لا تنسوهم!، لا تنسونا!.