View in Telegram
هنا حيث استشهد آلاف العمال المصريين في حفر القناة؛ هنا حيث استشهد آلاف الجنود في الذود عن مدنها، هنا حيث اختلط الدم بالعرق بالماء، هنا حيث كانت تمرغ أنف العدو في التراب، هنا حيث ذلت رؤوس المحتلين وخضعت رقاب الغزاة، هنا حيث كان المصري يعرف عدوه الأول والأوحد ولا يعامله إلا بالرصاص. ‏هنا اليوم، حيث يمر العدو، نفسه لم يتغير، بفرقاطته الحربية، ودفاعاته البحرية، وسفنه العسكرية، وبحّارته بالزي الرسمي للجيش الإسرائيلي، وكل ذلك وهم لا يفصلهم عن عيون المصريين وأيديهم بضعة أمتار، بل ويخوضون بأرجلهم وزوارقهم في خواصر بلادنا، وعلى عواتقهم السلاح، لاحتلال مدينة عربية أخرى، كانت -للمفارقة- حين حفرت هذه القناة مدينة تابعة للإدارة المصرية! ‏هنا يعبر الغزاة ويبكي المارة دما، ويقف الجنديّ الذليل عبد المأمور ممثلًا الجيش في أخزى حالاته، حاملا سلاحه تجاه المواطنين لا الجنود، وللسخرية فالجنود يطلون من سور السفينة كأنهم في مركب سياحي، بأأمن حالٍ لم يتخيلوا مثلها في موانئ السواحل الفلسطينية المحتلة! ولمَ العجب؟ وهنا مصر؛ المحتلة. ‏ولو لم تكن "إسرائيل" تحارب، ولا تدفع كل ما لديها من أجل صورة انتصار واحدة، فأي صورة انتصار لديها أغلى من رفرفة العلم الإسرائيلي في الإسماعيلية والسويس؟ حيث نُكس العلم وأحرق ودهسه المصريون بأرواحهم وبنعالهم قبل عقود، وقبل ذلك اليوم الذليل، في حضرة العهد العليل، في حقبة العرص العميل.
Telegram Center
Telegram Center
Channel