بمناسبة الذكرى الوطنية 57 لعيد الجلاء الذي طرد فيه شعبنا آخر جندي بريطاني عن أرض الوطن في الـ30 من نوفمبر المجيد، أتقدم بعظيم التهاني وأجل التبريكات لشعبنا اليمني العظيم في الداخل والخارج، وإلى قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله، كما أهنئ زملائي الأعزاء في المجلس السياسي الأعلى، وأخص بالتهنئة أبطالنا المجاهدين البواسل من أبناء القوات المسلحة والأمن في سهول اليمن وجباله وبحاره، وهي موصولة على كافة العلماء والمشايخ والأعيان والوجاهات في هذه المناسبة الخالدة.
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم:
لقد استطاع شعبنا في الـ30 من نوفمبر أن يتوج نضالاته وتضحياته الطويلة بأسدال الستار على الوجود الاستعماري البريطاني في بلادنا بخروج آخر جندي من أرض عدن الباسمة، وهو عيد جدير بالإجلال والإكبار، ومنبع ننهل منه في كل عام ذكرى الصمود والفداء والبذل والتضحية سعياً للحرية، وطلباً للاستقلال، وكما أثمرت عطاءات الاباء والأجداد في ميادين الكفاح ضد المستعمر حتى الخلاص الكامل منه فنحن اليوم أيضاً معنيون بدراسة هذه التجربة والاستفادة من مكاسبها في ظل معركتنا الوطنية الكبرى ضد الاستعمار الجديد.
إن شعلة الكفاح المسلح الوقادة التي أشعلها أبناء اليمن عقب ثورة الـ 14 من أكتوبر ابتداء من الريف إلى الحضر؛ وانطلاقاً من أبسط فلاح حتى طبقات النخب وبأقل الإمكانيات، وبأعز التضحيات تحقق به الانتصار الكبير بجلاء الاستعمار البريطاني؛ راغماً رغم الفارق الكبير في الإمكانات والقدرات إلا أن التصميم والإرادة والقضية العدالة، والمحقة قد انتصرت بسواعد أبنائها على أكبر جيش في العالم في ذلك الوقت.
أيها الإخوة والأخوات
إن الأطماع الاستعمارية القديمة والحديثة للغزاة بمختلف مسمياتهم تجاه بلدنا؛ نظراً لموقعه الإستراتيجي وثرواته الطبيعية؛ بالإضافة إلى التجارب الطويلة والخبرات الوطنية المتراكمة من الكفاح ضد المستعمرين على مر التاريخ، وطردهم كان يجب أن تترجم ثقافياً وإعلامياً وادبياً وعملياً في حياتنا طوال العقود الماضية بغرض تحصين البلد من أي اختراق اجنبي ولولا تقصير القائمين على البلد في ذلك الحين ما وجدنا اليوم لفيف من أرخص المرتزقة المحسوبين على شعبنا يفتحون أبواب البلد أمام غزاة اليوم، رغم ما يكبده شعبنا من معاناة وألم في الاستعمار الذي لم يمضي عليه إلا نصف قرن.
الأخوة والأخوات في الداخل والخارج:
إن فلسفة الاستعمار تنطلق من مبدأ واحد هو استعباد الشعوب وسرقة ثرواتها، ولهذا ستدرك كل عين بصيرة، وكل قلب سليم أنه وحتى لو اختلفت المظاهر والعناوين بين غزاة الماضي، وغزاة اليوم إلا أن جوهر وهدف المستعمر واحد لا يختلف، ومن يشاهد اليوم القيود التي فرضها المستعمر الجديد على الصياد اليمني في المناطق المحتلة، أو إنشاء أمريكا لتكتل سياسي لحفنة من العملاء الذين ينطقون بلسانها، أو القواعد العسكرية التي تُستحدث في مواقع وجزر إستراتيجية، ولقاءات سفراء الدول الغازية، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا ومحاولاتهما المستميتة لإحكام السيطرة على المراكز الحساسة في البلد سيدرك يقيناً أن لا وجه للاختلاف بين أهداف المحتل البريطاني بالأمس ونظيره الأمريكي اليوم، وبما أن الوسائل والأساليب والأدوات متطابقة فإن سبل الخلاص والتحرر من هذا المحتل لن تكون إلا ذات السبل التي سار فيها أجدادنا حتى تحقيق الاستقلال، وهي عبر الكفاح المسلح والمواجهة والصمود والجهاد.
أيها الإخوة والأخوات:
إن المحاولات البائسة التي نشهدها في هذه الأيام من قبل العدو الأمريكي ومعه تابعه الذليل العدو البريطاني للتحريض على بلدنا ومحاولة إحداث تصعيد هنا أو هناك خدمة وإسناداً للعدو الإسرائيلي، بالإضافة إلى محاولاتهم إلى إعادة إنتاج بعض العملاء والمرتزقة بعناوين وقوالب جديدة، لكنها فاشلة، ولن تحقق لهذا العدو إلا المزيد من الهزيمة والهوان، وإن أي محاولة للتصعيد ضد بلادنا من قبل أي كان نستطيع بعون الله مواجهتها بتصعيد أكبر ورد أقوى، ونحذر العدو مما قد يترتب على هذا التصعيد، وكل من يتورط معه.
أيها الشعب اليمني العظيم:
إن التحرر والاستقلال هو النتيجة الحتمية لتحرك الشعوب وجهادهم ضد الاحتلال، ومن هذا المنطلق فإن تحرك الشعب الفلسطيني المبارك في طوفان الأقصى لمواجهة المحتل الجاثم على صدره منذ ثمانية عقود هو تحرك مشروع وضروري، ولا بديل عنه، وإن مصير الاحتلال مهما طال الزمن أو قصر هو الزوال من أرض فلسطين الشامخة.
إن الموقف الديني والأخلاقي والإنساني، الذي يجب على أبناء الأمة العربية والإسلامية وكافة أحرار العالم اتخاذه، هو الوقوف مع أبناء الشعب الفلسطيني وإسنادهم بكل ما يمكن في معركتهم المصيرية مع الكيان الصهيوني المجرم.
يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية: