في نفسيّة المنافق
المنافق لا يهدأ له بال ولا يستقر له حال حتى يرى الناس من حوله في الحضيض الذي ارتضاه لنفسه.
وما حال المنافق، إلا كحال من يكره أن يُذكر بينه وبين النور نسبٌ، فقد ابتلع الظلام قلبه فلا يجد في النور إلا فضيحته، وفي الطهارة إلا افتضاح دنسه، وفي الصدق إلا صرخة تفضح زيفه.
هو كما وصفه الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز:
"وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً"
فالمنافق لا تكتمل لديه لذة دنياه إلا إذا رأى عزة الأحرار وقد أُلبست ثوب الذل، وحرية الرجال وقد كُبلت بأغلال العبودية.
ومن فرط نفوره من الإسلام وأهله، تجد قلبه يأبى الامتثال للحق، ويتحين الفرص للتهرب من الالتزامات الدينية، فتارة يتهم المؤمنين بأنهم تجار، وتارة إرهابيين، وتارة سفهاء وخونة أوطان، وغيرها مما تعرفون، حتى يسقط عنه لوازم الإيمان من النصرة والدعم، ويجد في التشكيك بهم وسيلة للتهرب من الوقوف في صف الحق.
يعكف على توجيه سهام الاتهامات نحو أهل الحق ليزرع الفتنة بينهم وبين الناس، ويشوه صورتهم في أعين العامة، حتى يتسنى له البقاء في مكانه المتخاذل، دون أن يتحمل تبعات الإيمان.
"وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون"