أكتبُ إليك هذه المرّة على غير العادَة، لقد جفّ حبرُ القلب كما جفّ منهُ الشّعور، لا أخفِيك سِرّاً، لقد كنتَ المتسبّب الوحيد في هذا الصّدأ، كنتُ أظنّ أنّ الوعود تبقىٰ، ولكنه اتّضح لي مؤخراً أنّ كلّ شيء آيل للزوال، و أن لكلّ وعدٍ تاريخُ انتهاء، ولكلّ وعدٍ تاريخُ بعدٍ و افتراق، خُيِّل إلي أنّك مختلف عن العالمين، و أنّني بجوارك سأظل أكتبُ عن خيبتي اتّجاه أحلامي الضّائعة، عن عتابي اتّجاه من أثقلهم وجودي، عن رثائي لِمن اختاروا الرّحيل، عن فوضىٰ مشاعري وضجيجُ روحي، ازدحامُها بالعابرين، كنتُ أظنّ أنّني ثابتةٌ في قلبك ثبات الشّجر في الأرض، كنتُ أبوحُ لك بجوارحِي و أحدّثُك عن كلّ الأشياء التي بإمكانها أن تسلُب منّي بريقي، ماكنتُ أتخيّل أن يأتي ذاك اليوم الذي تكون أنت أحد سالِبي هذا البريق.
أبشّرُك ياهذا،
لم تعُد عزيزي، ولم تعُد صاحب القلبِ الأحنّ، فالحنون لا يقسُو، لا يخذُل، لا يجافِي لا يسلُب بريقاً، أو يحدث شرخاً لا يترك ندبةً في الرّوح، لقد انتزعتُك من قلبي، مثلما انتزعتَ وجودك من حياتي، سأترك الأيّام بيننا، لعلّني أعود، لعلّك تعود، ولعلنا نشفىٰ من هذا الفراق.