فنجاح المقاومة العسكرية في إفشال تحقيق العدو لأهدافه، ومنعه من تحقيق شروطه التي لأجلها وسع حربه على لبنان، وشنّها على غزة، وثبات هذا الخيار في الميدان رغم حجم الخسائر المادية، مع رصيده المعني الكبير في الثبات والصبر، واحتواء الضربات الموجعة وفق مبدأ الصبر والتوكل على الله، دليل على أن المقاومة خيار مطلوب بكافة أشكالها وفي كل أنواع المعارك، لا سيما معركة الوعي وهي أهم معركة يمكن للعدو أن ينجح في كيّها، لما يملكه من إمكانات تكنولوجية وإعلامية، وقدرات على الكذب والتدليس وتحويل الوهم إلى حقيقة، بل ما يملكه من أدوات داخليّة بشرية إعلامية ومنظمات مدنية "NGO’S"، لذلك نجاح المقاومة العسكرية، يجب أن يتسق ويتوازى في ذات الوقت مع نجاح معركة الوعي، من خلال قوة منطق الإعلام المقاوم، وقدرته على التأثير بمصداقية وواقعية وموضوعية عالية، دون اللجوء للتهريج تحت مسمى التحليل، ولا رفع الأسقف عالياً بعيداً عن الواقع، ولا من خلال التهويل لصالح المقاومة بما لا يتناسب مع واقعية قدراتها وخططها واستراتيجياتها.
إضافة إلى القدرة على استغلال هذه الحرب وما كشفته من حقيقة عرّت من خلالها المنظومة الغربية، وازدواجية معاييرها، ووجهها الاستعماري الحقيقي المستمر بدعم إسرائيل، لدرجة أن يعبر رئيس وزراء فرنسا الأسبق" مانويل فالس" في مقال له لمجلة "لو بوان" قائلا: "إذا سقطت إسرائيل سقطنا معها".
ومن أكثر الدول الغربية التي دعمت إسرائيل هي دول الاستعمار القديم، وهي ذات الدول التي جعلت من أغلب الأنظمة العربية المُسْتَعمَرة بشكل غير مباشر، أنظمة تابعة وظيفتها تمويل الحرب، ومنع أي مساعدة حقيقية لغزة ولبنان، بل وظفت هذه الدول العربية إعلامها، ليكون ذراع إسرائيل والغرب في الحرب الإعلامية في معركة الوعي، ونشر إشاعات حتى إسرائيل نفسها لم تتبناها، وتبنت أغلب ما تقوله الصحافة العبرية من تحليلات ومعطيات الميدان والعسكر والسياسة، دون حتى أدنى مهنية في نقل المقلب الآخر من الحدث المعني بالمقاومة ومنجزاتها الميدانية ضد العدو الصهيوني.
فالقدرة على استغلال ما سبق في بناء مشروع ثقافي ومعرفي تأسيسي وليس انفعالي عاطفي، يستطيع في حالة هذا الضعف الغربي المعرفي، أن يكشف أكثر الخلل في المنهج الغربي، ويقدم البديل الصالح والمتصالح مع ذاته ومع غيره، حتى لا تدخل الأجيال التي كانت متأثرة فكريا بالغرب في التيه، بعد إدراكها وجدانياً وحضورياً، ازدواجية القيم والمنظومة الغربية، وشعارات حقوق الإنسان، وعدم فاعلية المؤسسات الدولية عندما تكون الحرب في ساحة الإنسان العربي والمسلم، فتتلقفها رياح الأفكار، بين يمين متطرف ويسار متطرف، أي بين إفراط وتفريط.
فكما استطاعت المقاومة امتلاك القدرة على توظيف إمكاناتها في ضرب نقاط الضعف العسكرية في الكيان الصهيوني رغم فارق القوة المادي، يمكن لبيئة المقاومة ولكل من يؤيد خيار المقاومة لمواجهة الاستعمار بكافة أشكاله، أن يحول الإرادة والقدرة مع فارق الإمكانيات والأدوات والوسائل، يحولها إلى قوة قادرة على إعادة بناء المفاهيم ومنظومة القيم والمعايير بعيدا عن المنظومة الغربية، التي بدأت تغرق في وحل ازدواجية المعايير، والتأويل المفرط لصالحها الخاص مهما ارْتُكِب من مجازر وتدمير من قبل الكيان الصهيوني، على حساب حيوات البشر ومستقبلهم، لمجرد أنهم وفق معاييرها لا ينطبق عليهم مفهوم الإنسان كمصاديق له، وهذا بذاته يتطلب وضع رؤية نظرية، وتطبيقية آنية للمعركة، واستراتيجية لما بعدها، وقد نفرد له ورقة خاصة قريباً.
تفاصيل
👈 https://www.alyemenione.com/253423/
#معركة_الفتح_الموعود_والجهاد_المقدس