🌍 قراءة في خيار المقاومة.. الاستعمار والتدمير المنهجي
💢 المشهد اليمني الأول/
الاستعمار هو باختصار ممارسة هيمنة تهدف إلى السيطرة الجماعية على الجغرافيا السياسية لأمة من الأمم، وعلى مواردها الطبيعية والبشرية، وبموجب الاستعمار تفقد الأمم المستعمرة سيادتها. وبموازاة ذلك أُسست منظمة الأمم المتحدة عام ١٩٤٥م، ونظام الوصاية الدولي المنبثق عن ميثاق الأمم المتحدة القاضي بتحميل الدول المهيمنة مسؤولية إدارة من يقع عليهم الاستعمار وضمان حقوقهم في أفق مبدأ تقرير المصير. هذا من الناحية القانونية، أما من الناحية التاريخية والسياسية، فلقد جاء هذا الموقف نتيجة الحرب العالمية الثانية التي انتهت بإقرار نظام عالمي جديد، بحسابات وشروط مختلفة.
ولعل هذا القرار يحمل دلالات مهمة في شرعنة الاستعمار، بل ويؤسس له شروطا ظاهرية ومحمولات إيجابية، تشي لقارئ نصوصه بوجود بعد إيجابي في الاستعمار من حيث الإدارة، دون تحديد آلياتها ولا تشخيص مصاديقها، ومن حيث حفظ الحقوق، المفهوم الأكثر التباسا في الذهنية الغربية وفلسفتها، خاصة في البعد المعرفي كمصادر للمعرفة وقيمة هذه المعرفة. والدليل على هذا الالتباس التجارب الاستعمارية تاريخيا، واشتراكها جميعاً بأسس مخالفة لتوصيات الأمم المتحدة كالعادة.
نقدم لكم دراسة كاملة بعنوان “الاستعمار والتدمير المنهجي قراءة في خيار المقاومة”، يمكنكم تحميلها بشكل كامل في أسفل الاقتباس أدناه الذي سيقتصر على ثلاث عناوين:
– غزة – لبنان وخيار المقاومة
– المُسْتَعْمِر والتدمير المنهجي
– المقاومة ومعركة الوعي
غزة – لبنان وخيار المقاومة
بعد حرب غزة التي أسقطت ورقة التوت عن الغرب، وكشفت حقيقة المؤسسات الدولية وقوانينها ولصالح من وضعت، ومن هو المعني في خلفياتها المعرفية بالإنسان وتعريفه، باتت تتكشف مجدداً أفكار الاستعمار المكتنزة في الشخصية الغربية، وأعني بها هنا الحكومات، وهنا لا أرفع المسؤولية عن الشعوب الغربية، رغم دعم أغلبها لغزة، كونها هي من يذهب إلى صناديق الاقتراع ويختار هذه الحكومات، التي تمارس كل أنواع الاحتيال والتدليس في سبيل مصالحها الرأسمالية، وقيمها الليبرالية، والعلمانية، المتراوحة بين التطرف والاعتدال.
هذا الفكر الاستعماري الذي اختبأ خلف قناع الحريات والعدالة والديموقراطية، والمؤسسات والقوانين الدولية، ظهر كوحش مارد بعد حرب غزة، وكشف قناعه الاستعماري ووحشيته، بتمويل القتل والتدمير مجدداً بكل أنواع السلاح والتكنولوجيا التي توصل إليها.
فكان الخيار الأسلم في المواجهة هو المقاومة العسكرية، مع معرفة فساد تأويل القوانين الدولية، وتمييعها، وقلب دلالاتها لتخدم إرادة الدول الكبرى الحليفة والراعية للكيان الصهيوني، كأحد أذرعتها الاستعمارية المهمة في منطقتنا الغنية بالثروات المادية، خاصة الطاقة، والثروات الثقافية المتنوعة في الهوية والانتماء.
المُسْتَعْمِر والتدمير المنهجي
للاستعمار سمات عامة مشتركة وللكيان الصهيوني سمات أيضا خاصة، والسمات العامة تم ذكرها في الدراسة، وأما السمات الخاصة بالكيان الصهيوني فأهمها:
– تدمير منهجي للبنى التحتية والمباني السكنية، وما عقيدة الضاحية التي طورها “غادي آيزنكوت” رئيس الأركان العامة الإسرائيلية السابق، التي تقوم على الردع باستخدام القوة المُفْرِطة، والتّدمير الشامل، وقتل المدنيين بارتكاب مجازر وإبادات جماعية لكسب المعركة، إلا دليل قطعي على هذه السّمة البارزة.
– تدمير الهوية التاريخية للمنطقة، بمسح قراها القديمة، ومساجدها الأثرية، وتراثها الأثري، كنوع من مسح الذاكرة التاريخية للأجيال القادمة لتضعيف روابطهم بالمكان والزمان والتاريخ، والقدرة على بناء هوية مغايرة للواقع لتلك الممتدة بالتاريخ وبالمرتبطة بحكايته وتراثه وآثاره الشاهدة عليه.
– استهداف الكيان الطبي، من مسعفين وأطباء، ومستشفيات، وكل ما له صلة ووظيفة في الحرب يتعلق برعاية الإنسان وحفظ حياته وكينونته المتعلقة بالجسد، لإيقاع أكبر عدد من الشهداء، ومن ذوي الإعاقة، الذين يصبحون معطلين، وعاجزين عن أي خيار مستقبلي في مواجهة هذا العدو المتوحش، أو يصبحون عالة على مجتمعهم الذي يعاني بالأصل نتيجة الحرب.
– استهداف دور العبادة، سواء المساجد أو الكنائس، والتي لها علاقة بهوية الإنسان وذاكرته الدينية، وهذه تأتي من عقيدة الصهيوني، الذي لا يرى حقيقة دينية سوى يهوديته، فلا يقيم أي احترام وتقدير للأديان الأخرى.
– استهداف المدنيين الحاضنين للمقاومة من حيث العدة والعتاد والعديد والثقافة، لمعاقبتهم على هذا الخيار، ولتأليبهم على المقاومة لتجفيف منابع الدعم والحماية، ولتغيير عقيدتهم المقاومة، إلى عقيدة استسلام للعدو الصهيوني، والخضوع لإرادته.
– التعتيم الكامل على الخسائر التي يتكبدها العدو الصهيوني نتيجة ضربات المقاومة، لعدم التأثير على معنويات وصمود المجتمع الصهيوني الهش، وللتأثير على معنويات البيئة الحاضنة للمقاومة، ولتقزيم الفعل…