أخواتٌ كريمات كثر يتواصلن معي في الفترة الأخيرة بما فحواه: "سمعت المحاضرة.." أو "قرأت المقال.. لكِ وتأثرت، وأنا أفكر جدياً في ترك الدراسة/ العمل والتفرغ للتربية/ طلب العلم/ العمل في مشروع نافع آخر… فما نصيحتك؟" وغالباً تكون الرسالة مستعجلة جداً وصاحبتها تطلب الرد في أسرع ما يمكن..
ولأخواتي الكريمات اللواتي أحرص عليهن بإذن الله حرصي على نفسي وأستشعر أمانة الكلمة وثقلها في هذا الموضع أقول:
ليس بخلاً بالنصيحة ولا بالوقت، لكني لا أستطيع الرد على هذه الرسائل، هذا سؤال يحتاج جلسةً أو أكثر من الحوار والنظر في تفاصيل ظروف السائلة والخير الأغلبي والشر الأغلبي لها، معرفة المصالح والمفاسد الحقيقية المترتبة على استمرارها بما هي فيه وكذلك المترتبة على تركه، ما هي الخيارات البديلة، ما هي الحاجة؟ وضع البيئة الداعمة، ومقدار وعي السائلة بما تقدم عليه وإحاطتها بالمعلومة الجديدة التي سمعتها أو تعلمتها..
وحتى بعد الجلسات قد يبقى القرار صعباً وتحتاج السائلة فيه لقياس المنافع والمضار بنفسها بعدها..
بعض النساء يناسبها ما لا يناسب غيرها، وعندها خيارات غير موجودة لدى غيرها، وإن كانت الأولويات الشرعية ذاتها والمفاهيم الثابتة والأصول ذاتها..
لا أنصح عموماً باتخاذ قرارٍ مفاجئ ينقلب به المرء على واقعه مباشرةٍ وبشكلٍ كبيرٍ بعد درسٍ أو مقال أو كتاب، فهذا غالباً يضرّ أكثر مما ينفع، بل أنصح بالتمهل والتأكد من فهم الكلام وتنزيله على الواقع الخاص وقياس آثاره والصعوبات التي سيأتي بها وقدرة المرء على تحملها..
وقد عملتُ على تقديم نصائح وأدوات تعين على اتخاذ القرار في هذا في ختام المحاضرات التي قدّمت حديثاً عن عمل المرأة، وهي محاضرة: عمل المرأة وبناء النظرة المتوازنة، ومحاضرة: عمل المرأة، واقعه والتعامل معه..
وأنصح دوماً بالاستخارة والدعاء، واستشارة أهل العلم والحكمة قبل اتخاذ القرارات..
هدانا الله لما يحبه ويرضاه، ورزقنا القوة والصبر على ابتلاءاته واختباراته، وثبتنا على طاعته..