📖 تفسير السعدي 📖

#تفسير_السعدي
Канал
Логотип телеграм канала 📖 تفسير السعدي 📖
@tafasir0Продвигать
2,25 тыс.
подписчиков
2
фото
6
ссылок
🌷 📖 🌷 فإن كتاب الله أوثقُ شافع .. وأغنى غناءً واهباً متفضلا وخيرُ جليس لا يُمل سماعُه .. وتردادُه يزدادُ فيه تجمُّلا
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌۭ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌۭ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾

( سورة آل عمران / الأية:١٥٧ )

ثم أخبر تعالى أن القتل في سبيله، أو الموت فيه، ليس فيه نقص ولا محذور.
وإنما هو، مما ينبغي أن يتنافس فيه المتنافسون، لأنه سبب مفض وموصل إلى مغفرة الله ورحمته ، وذلك خير مما يجمع أهل الدنيا من دنياهم، وأن الخلق أيضا إذا ماتوا أو قتلوا بأي حالة كانت ، فإنما مرجعهم إلى الله ومآلهم إليه فيجازي كلا بعمله.
فأين الفرار إلا إلى الله ، وما للخلق عاصم إلا الاعتصام بحبل الله؟!!


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لِإِخْوَٰنِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِى ٱلْأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّۭى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةًۭ فِى قُلُوبِهِمْ ۗ وَٱللَّهُ يُحْىِۦ وَيُمِيتُ ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌۭ ﴾

(سورة آل عمران / الآية:١٥٦)

ينهى تعالى عباده المؤمنين، أن يشابهوا الكافرين، الذين لا يؤمنون بربهم، ولا بقضائه وقدره، من المنافقين وغيرهم.

ينهاهم عن مشابهتهم في كل شيء، وفي هذا الأمر الخاص - وهو أنهم يقولون لإخوانهم في الدين أو في النسب:
" إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ "
أي: سافروا للتجارة

" أَوْ كَانُوا غُزًّى "
أي: غزاة،ثم جرى عليهم قتل أو موت. يعارضون القدر ويقولون:
" لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا "
وهذا كذب منهم.

فقد قال تعالى:
" قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ " .

ولكن هذا التكذيب لم يفدهم، إلا أن الله يجعل هذا القول، وهذه العقيدة، حسرة في قلوبهم. فتزداد مصيبتهم.

وأما المؤمنون، فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر الله، فيؤمنون ويسلمون، فيهدي الله قلوبهم، ويثبتها، ويخفف بذلك، عنهم المصيبة.

قال الله، ردا عليهم
" وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ "
أي: هو المنفرد بذلك، فلا يغني حذر عن قدر.

" وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "
فيجازيكم بأعمالكم وتكذيبكم.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿  إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌۭ ﴾

(سورة آل عمران / الآية: ١٥٥)

يخبر تعالى عن حال الذين انهزموا يوم " أحد " وما الذي أوجب لهم الفرار، وأنه من تسويل الشيطان، وأنه تسلط عليهم ببعض ذنوبهم.

فهم الذين أدخلوه على أنفسهم، ومكنوه بما فعلوا من المعاصي، لأنها مركبه ومدخله.

فلو اعتصموا بطاعة ربهم، لما كان له عليهم من سلطان.

قال تعالى: " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ " .

ثم أخبر أنه عفا عنهم بعد ما فعلوا ما يوجب المؤاخذة.
وإلا فلو آخذهم، لاستأصلهم.

" إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ "
للمذنبين الخطائين، بما يوفقهم له من التوبة والاستغفار، والمصائب المكفرة.

" حَلِيمٌ "
لا يعاجل من عصاه، بل يستأنى به ، ويدعوه إلى الإنابة إليه، والإقبال عليه.

ثم إن تاب وأناب، قبل منه، وصيره كأنه لم يجر منه ذنب، ولم يصدر عنه عيب.

فلله الحمد على إحسانه.

📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنۢ بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةًۭ نُّعَاسًۭا يَغْشَىٰ طَآئِفَةًۭ مِّنكُمْ ۖ وَطَآئِفَةٌۭ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلْأَمْرِ مِن شَىْءٍۢ ۗ قُلْ إِنَّ ٱلْأَمْرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِ ۗ يُخْفُونَ فِىٓ أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلْأَمْرِ شَىْءٌۭ مَّا قُتِلْنَا هَٰهُنَا ۗ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَلِيَبْتَلِىَ ٱللَّهُ مَا فِى صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِى قُلُوبِكُمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾

( سورة آل عمران / الآية: ١٥٤ )

" ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ "
الذي أصابكم
" أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ " .
ولا شك أن هذا رحمة بهم، وإحسان وتثبيت لقلوبهم وزيادة طمأنينة.
لأن الخائف لا يأتيه النعاس، لما في قلبه من الخوف.
فإذا زال الخوف عن القلب، أمكن أن يأتيه النعاس.

وهذه الطائفة التي أنعم الله عليها بالنعاس ، هم المؤمنون الذين ليس لهم إلا إقامة دين الله، ورضا الله ورسوله، ومصلحة إخوانهم المسلمين.

وأما الطائفة الأخرى الذين
" قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ "
فليس لهم هم في غيرها، لنفاقهم أو ضعف إيمانهم، فلهذا لم يصبهم من النعاس ما أصاب غيرهم " يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ " .

وهذا استفهام إنكاري، أي: ما لنا من الأمر ، أي: النصر والظهور - شيء.
فأساءوا الظن بربهم، وبدينه وبنبيه ، وظنوا أن الله لا يتم أمر رسوله، وأن هذه الهزيمة، هي الفيصلة والقاضية على دين الله.

قال الله في جوابهم:
" قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ " .

الأمر يشمل الأمر القدري، والأمر الشرعي.
فجميع الأشياء بقضاء الله وقدره وعاقبتها، النصر والظفر لأوليائه، وأهل طاعته وإن جرى عليهم ما جرى.

" يُخْفُونَ " يعني المنافقين
" فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ " .
ثم بين الأمر الذي يخفونه فقال:
" يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ "
أي: لو كان لنا في هذه الواقعة رأي ومشورة
" مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا " .
وهذا إنكار منهم، وتكذيب بقدر الله، وتسفيه منهم لرأي رسول الله، ورأي أصحابه، وتزكية منهم لأنفسهم فرد الله عليهم بقوله:
" قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ "
التي هي أبعد شيء عن مظان القتل.
" لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ " .

فالأسباب - وإن عظمت - إنما تنفع إذا لم يعارضها القدر والقضاء.
فإذا عارضها القدر لم تنفع شيئا، بل لا بد أن يمضي الله ما كتب في اللوح المحفوظ، من الموت والحياة.

" وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ "
أي: يختبر ما فيها من نفاق وإيمان وضعف إيمان.

" وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ "
من وساوس الشيطان, وما تأثر عنها من الصفات غير الحميدة.

" وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ "
أي: بما فيها وما أكنته.

فاقتضى علمه وحكمته، أن قدر من الأسباب، ما به يظهر مخبئات الصدور، وسرائر الأمور.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ ۞ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُۥنَ عَلَىٰٓ أَحَدٍۢ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِىٓ أُخْرَىٰكُمْ فَأَثَٰبَكُمْ غَمًّۢا بِغَمٍّۢ لِّكَيْلَا تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَآ أَصَٰبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ خَبِيرٌۢ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

( سورة آل عمران / الآية: ١٥٣ )

يذكرهم تعالى حالهم، في وقت انهزامهم عن القتال وبعاتبهم على ذلك فقال
" إِذْ تُصْعِدُونَ " أي: تجدون في الهرب
" وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ " أي: لا يلوي أحد منكم على أحد، ولا ينظر إليه.
بل ليس لكم هم إلا الفرار، والنجاء من القتال.

والحال أنه ليس عليكم خطر كبير.
إذ لستم آخر الناس، مما يلي الأعداء ويباشر الهيجاء.

بل " وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ "
أي: مما يلي القوم يقول: " إلي عباد الله " .
فلم تلتفتوا إليه، ولا عرجتم عليه، فالفرار نفسه موجب للوم.
ودعوة الرسول الموجبة لتقديمه على النفس، أعظم لوما بتخلفكم عنها.

" فَأَثَابَكُمْ " أي: جازاكم على فعلكم " غَمًّا بِغَمٍّ " أي: غما يتبعه غم.
غم بفوات النصر وفوات الغنيمة، وغم بانهزامكم، وغم أنساكم كل غم، وهو سماعكم أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد قتل.

ولكن الله - بلطفه وحسن نظره لعباده - جعل اجتماع هذه الأمور لعباده المؤمنين خيرا لهم فقال: " لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ " من النصر والظفر.

" وَلَا مَا أَصَابَكُمْ " من الهزيمة والقتل والجراح ، إذا تحققتم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتل، هانت عليكم تلك المصيبات، واغتبطتم بوجوده المسلي عن كل مصيبة ومحنة.
فلله ما في ضمن البلايا والمحن، من الأسرار والحكم.

وكل هذا صادر عن علمه وكمال خبرته بأعمالكم، وظواهركم ، وبواطنكم.

ولهذا قال: " وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " .

ويحتمل أن معنى قوله :
" لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ " .
يعني: أنه قدر ذلك الغم والمصيبة عليكم، لكي تتوطن نفوسكم، وتمرنوا على الصبر على المصيبات، ويخف عليكم تحمل المشقات.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُۥٓ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِۦ ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَٰزَعْتُمْ فِى ٱلْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّنۢ بَعْدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلْءَاخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾

(سورة آل عمران / ١٥٢)

أي " وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ "
بالنصر، فنصركم عليهم، حتى ولُوكم أكتافهم، وطفقتم فيهم قتلا، حتى صرتم سببا لأنفسكم وعونا لأعدائكم عليكم.
فلما حصل منكم الفشل وهو الضعف والخور " وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ "
الذي فيه ترك أمر الله، بالائتلاف وعدم الاختلاف، فاختلفتم.
فمن قائل: نقيم في مركزنا الذي جعلنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن قائل: ما مقامنا فيه، وقد انهزم العدو، ولم يبق محذور.
فعصيتم الرسول، وتركتم أمره " مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ "
وهو انخذال أعدائكم.
لأن الواجب على من أنعم الله عليه بما أحب، أعظم من غيره.
فالواجب في هذه الحال خصوصا، وفي غيرها عموما، امتثال أمر الله ورسوله.
" مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا "
وهم الذين أوجب لهم ذلك ما أوجب.
" وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ "
وهم الذين، لزموا أمر رسول الله، وثبتوا حيث أمروا.
" ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ "
أي: بعد ما وُجدت هذه الأمور منكم، صرف الله وجوهكم عنهم، فصار الوجه لعدوكم، ابتلاء من الله لكم وامتحانا، ليتبين المؤمن من الكافر، والطائع من العاصي، وليكفر الله عنكم بهذه المصيبة، ما صدر منكم فلهذا قال: " وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ "
أي: ذو فضل عظيم عليهم، حيث من عليهم بالإسلام، وهداهم لشرائعه، وعفا عنهم سيئاتهم، وأثابهم على مصيباتهم.
ومن فضله على المؤمنين، أن لا يقدر عليهم خيرا ولا مصيبة، إلا كان خيرا لهم.
إن أصابتهم سراء فشكروا، جازاهم جزاء الشاكرين، وإن أصابتهم ضراء فصبروا، جازاهم جزاء الصابرين.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِۦ سُلْطَٰنًۭا ۖ وَمَأْوَىٰهُمُ ٱلنَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾

(سورة آل عمران / الآية: ١٥١)

فمن ولايته ونصره لهم، أنه وعدهم أنه سيلقي في قلوب أعدائهم من الكافرين الرعب ، وهو الخوف العظيم الذي يمنعهم من كثير من مقاصدهم ، وقد فعل تعالى.
وذلك أن المشركين - بعدما انصرفوا من وقعة " أحد " - تشاوروا فيما بينهم، وقالوا: كيف ننصرف بعد أن قتلنا منهم من قتلنا وهزمناهم؟ ولما نستأصلهم؟ فهموا بذلك.
فألقى الله في قلوبهم الرعب فانصرفوا خائبين.
ولا شك أن هذا من أعظم النصر، لأنه قد تقدم أن نصر الله لعباده المؤمنين لا يخرج عن أحد أمرين: إما أن يقطع طرفا ممن كفروا، أو يكبتهم فينقلبوا خائبين.
وهذا من الثاني.
ثم ذكر السبب الموجب لإلقاء الرعب في قلوب الكافرين فقال:
" بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا "
أي: ذلك بسبب ما اتخذوا من دونه من الأنداد والأصنام ، التي اتخذوها على حسب أهوائهم وإرادتهم الفاسدة، من غير حجة ولا برهان، وانقطعوا من ولاية الواحد الرحمن.
فمن ثم ،كان المشرك مرعوبا من المؤمنين، لا يعتمد على ركن وثيق، وليس له ملجأ عند كل شدة وضيق، هذا حاله في الدنيا.
وأما في الآخرة فأشد وأعظم، ولهذا قال:
" وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ " .
أي: مستقرهم الذي يأوون إليه وليس لهم عنها خروج.
" وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ "
بسبب ظلمهم وعدوانهم، صارت النار مثواهم.


#تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ بَلِ ٱللَّهُ مَوْلَىٰكُمْ ۖ وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّٰصِرِينَ

(سورة آل عمران / الآية: ١٥٠)

ثم أخبر أنه مولاهم وناصرهم ، ففيه إخبار لهم بذلك ، وبشارة بأنه يتولى أمورهم بلطفه ، ويعصمهم من أنواع الشرور.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ ﴾

(سورة آل عمران / الآية: ١٤٩)

ثم قال تعالى
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا " إلى " وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ " .
وهذا نهي من الله للمؤمنين أن يطيعوا الكافرين ، من المنافقين والمشركين.
فإنهم إذا أطاعوهم ، لم يريدوا لهم إلا الشر ، وهم قصدهم ردهم إلى الكفر ، الذي عاقبته الخيبة والخسران.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ فَـَٔاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ ٱلْءَاخِرَةِ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾

(سورة آل عمران / الآية: ١٤٨)

لا جرم أن الله نصرهم، وجعل لهم العاقبة في الدنيا والآخرة ولهذا قال:
" فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا "
من النصر والظفر والغنيمة.

" وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ "
وهو الفوز برضا ربهم والنعيم المقيم الذي قد سلم من جميع المنكدات.
وما ذاك إلا أنهم أحسنوا له الأعمال، فجازاهم بأحسن الجزاء، فلهذا قال:
" وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "
في عبادة الخالق ومعاملة الخلق.
ومن الإحسان أن يفعل عند جهاد الأعداء كفعل هؤلاء المؤمنين.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّآ أَن قَالُواْ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِىٓ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾

( سورة آل عمران / الآية: ١٤٧ )

ثم ذكر قولهم واستنصارهم لربهم فقال:
" وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ "
أي: في تلك المواطن الصعبة

" إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا " .
والإسراف هو: مجاوزة الحد إلى ما حرم.
علموا أن الذنوب والإسراف ، من أعظم أسباب الخذلان ، وأن التخلي منها من أسباب النصر ، فسألوا ربهم مغفرتها.

ثم إنهم لم يتكلوا على ما بذلوا جهدهم به ، من الصبر ، بل اعتمدوا على الله ، وسألوه أن يثبت أقدامهم عند ملاقاة الأعداء الكافرين ، وأن ينصرهم عليهم.
فجمعوا بين الصبر ، وترك ضده ، والتوبة والاستغفار والاستنصار بربهم.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِىٍّۢ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌۭ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾

(سورة آل عمران / الأية : ١٤٦)

هذا تسلية للمؤمنين ، وحث على الاقتداء بهم والفعل كفعلهم ، وأن هذا أمر قد كان متقدما، لم تزل سنة الله جارية بذلك فقال:
" وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ " أي: وكم من نبي

" قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ " .
أي: جماعات كثيرون من أتباعهم الذين قد ربتهم الأنبياء بالإيمان والأعمال الصالحة ، فأصابهم قتل وجراح وغير ذلك.

" فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا " .
أي: ما ضعفت قلوبهم ولا وهنت أبدانهم ولا استكانوا.
أي: ذلوا لعدوهم.
بل صبروا وثبتوا وشجعوا أنفسهم ، ولهذا قال: " وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ " .


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ كِتَٰبًۭا مُّؤَجَّلًۭا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِۦ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلْءَاخِرَةِ نُؤْتِهِۦ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِى ٱلشَّٰكِرِينَ ﴾

(سورة آل عمران / الأية: ١٤٥)

ثم أخبر تعالى ، أنه يعطي الناس من ثواب الدنيا والآخرة ، ما تعلقت به إراداتهم ، فقال:
" وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا " .
قال الله تعالى " كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا " .

" وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ "
ولم يذكر جزاءهم ، ليدل ذلك على كثرته وعظمته ، وليعلم أن الجزاء على قدر الشكر قلة وكثرة وحسنا.

📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌۭ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْـًۭٔا ۗ وَسَيَجْزِى ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ ﴾

( سورة آل عمران / الآية: ١٤٤ )

يقول تعالى :
" وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ " .
أي.
ليس ببدع من الرسل، بل هو من جنس الرسل الذين قبله.
وظيفتهم تبليغ رسالة ربهم، وتنفيذ أوامره.
ليسوا بمخلدين، وليس بقاؤهم شرطا في امتثال أوامر الله.
بل الواجب على الأمم عبادة ربهم في كل وقت وبكل حال.
ولهذا قال :
" أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ "
بترك ما جاءكم به من إيمان أو جهاد أو غير ذلك.
قال الله تعالى
" وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا "
إنما يضر نفسه.
وإلا فالله تعالى غني عنه وسيقيم دينه ويعز عباده المؤمنين.

فلما وبخ تعالى من انقلب على عقبيه، مدح من ثبت مع رسوله وامتثل أمر ربه فقال:
" وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ " .
والشكر لا يكون إلا بالقيام بعبودية الله تعالى في كل حال.

وفي هذه الآية الكريمة، إرشاد من الله تعالى لعباده أن يكونوا بحالة لا يزعزعها عن إيمانهم أو عن بعض لوازمه فقد رئيس ولو عظم.
وما ذاك إلا بالاستعداد في كل أمر من أمور الدين بعدة أناس من أهل الكفاءة فيه إذا فقد أحدهم قام به غيره.
وأن يكون عموم المؤمنين قصدهم إقامة دين الله، والجهاد عنه بحسب الإمكان.
لا يكون لهم قصد في رئيس دون رئيس.
فبهذه الحال يستتب لهم أمرهم، وتستقيم أمورهم.

وفي هذه الآية أيضا، أعظم دليل على فضيلة الصديق أبي بكر، وأصحابه الذين قاتلوا المرتدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم هم سادات الشاكرين.
ثم أخبر تعالى أن النفوس جميعها معلقة بآجالها بإذن الله، وقدره وقضائه.
فمن حتم عليه بالقدر أن يموت، مات ولو بغير سبب، ومن أراد بقاءه، فلو وقع من الأسباب كل سبب لم يضره ذلك قبل بلوغ أجله.
وذلك أن الله قضاه وقدره كتبه إلى أجل مسمى.
" إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون ".


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴾

(سورة آل عمران / الآية:١٤٣)

ثم وبخهم تعالى، على عدم صبرهم بأمر كانوا يتمنونه ويودون حصوله فقال:
" وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ " وذلك أن كثيرا من الصحابة " ممن فاته بدر كانوا يتمنون أن يحضرهم الله مشهدا يبذلون فيه جهدهم.

قال الله تعالى لهم " فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ "
أي: ما تمنيتم بأعينكم

" وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ " فما بالكم وترك الصبر؟
هذه حالة لا تليق ولا تحسن خصوصا لمن تمنى ذلك وحصل له ما تمنى.
فإن الواجب عليه بذل الجهد واستفراغ الوسع في ذلك.

وفي هذه الآية، دليل على أنه لا يكره تمني الشهادة.
ووجه الدلالة أن الله تعالى أقرهم على أمنيتهم ولم ينكر عليهم.
وإنما أنكر عليهم عدم العمل بمقتضاها،
والله أعلم.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾

( سورة آل عمران / الآية: ١٤٢ )

ثم قال تعالى:
" أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ "

هذا استفهام إنكاري.
أي: لا تظنوا ولا يخطر ببالكم أن تدخلوا الجنة من دون مشقة، واحتمال المكاره في سبيل الله وابتغاء مرضاته.
فإن الجنة أعلى المطالب وأفضل ما به يتنافس المتنافسون.
وكلما عظم المطلوب عظمت وسيلته والعمل الموصل إليه.
فلا يوصل إلى الراحة إلا بترك الراحة، ولا يدرك النعيم إلا بترك النعيم.
ولكن مكاره الدنيا التي تصيب العبد في سبيل الله - عند توطين النفس لها وتمرينها عليها ومعرفة ما تئول إليه تنقلب - عند أرباب البصائر - منحا يسرون بها ولا يبالون بها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَٰفِرِينَ﴾

( سورة آل عمران / الآية: ١٤١ )

" وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا "
وهذا أيضا من الحكم أن الله يمحص بذلك المؤمنين من ذنوبهم وعيوبهم.
يدل ذلك على أن الشهادة والقتال في سبيل الله، تكفر الذنوب، وتزيل العيوب.

ويمحص الله أيضا المؤمنين من غيرهم من المنافقين، فيتخلصون منهم ويعرفون المؤمن من المنافق.

ومن الحكم أيضا أن يقدر ذلك ليمحق الكافرين.
أي: ليكون سببا لمحقهم واستئصالهم بالعقوبة، فإنهم إذا انتصروا بغوا وازدادوا طغيانا إلى طغيانهم، يستحقون به المعاجلة بالعقوبة رحمة بعباده المؤمنين.


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌۭ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌۭ مِّثْلُهُۥ ۚ وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾

( سورة آل عمران / الآية: ١٤٠ )

ثم سلاهم بما حصل لهم من الهزيمة، وبين الحكم العظيمة المترتبة على ذلك، فقال تعالى: "إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ"
فأنتم وهم قد تساويتم في القرح، ولكنكم ترجون من الله ما لا يرجون كما قال تعالى: " إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ " .

ومن الحكم في ذلك، أن هذه الدار يعطي الله منها المؤمن والكافر، والبر والفاجر، فيداول الله الأيام بين الناس: يوم لهذه الطائفة ويوم للطائفة الأخرى.
لأن هذه الدار الدنيا منقضية فانية.
وهذا بخلاف الدار الآخرة فإنها خالصة للذين آمنوا.

" وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا "
هذا أيضا من الحكم أنه يبتلي الله عباده بالهزيمة والابتلاء، ليتبين المؤمن من المنافق.
لأنه لو استمر النصر للمؤمنين، في جميع الوقائع، لدخل في الإسلام من لا يريده.
فإذا حصل في بعض الوقائع بعض أنواع الابتلاء، تبين المؤمن حقيقة الذي يرغب في الإسلام, في الضراء والسراء واليسر والعسر ممن ليس كذلك.

" وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ "
وهذا أيضا من بعض الحكم، لأن الشهادة عند الله من أرفع المنازل، ولا سبيل لنيلها إلا بما يحصل من وجود أسبابها.
فهذا من رحمته بعباده المؤمنين، أن قيض لهم من الأسباب ما تكرهه النفوس لينيلهم ما يحبون, من المنازل العالية والنعيم المقيم.

" وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ "
الذين ظلموا أنفسهم وتقاعدوا عن القتال في سبيله.
" ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين " .


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾

( سورة آل عمران / الآية: ١٣٩ )

يقول تعالى: مشجعا لعباده المؤمنين ، ومقويا لعزائمهم ومنهضا لهممهم:
" وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا "
أي: ولا تهنوا وتضعفوا، في أبدانكم، ولا تحزنوا في قلوبكم، عندما أصابتكم المصيبة، وابتليتم بهذه البلوى.
فإن الحزن في القلوب، والوهن على الأبدان، زيادة مصيبة عليكم، وأعون لعدوكم عليكم.
بل شجعوا قلوبكم وصبروها وادفعوا عنها الحزن وتصلبوا على قتال عدوكم.
وذكر تعالى أنه لا يليق بهم الوهن والحزن, وهم الأعلون, في الإيمان ورجاء نصر الله وثوابه.
فالمؤمن المبتغي ما وعده الله، من الثواب الدنيوي والأخري، لا ينبغي له ذلك.
ولهذا قال تعالى:
" وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " .


📖 #تفسير_السعدي
ــــــــــــــــــ ﷽‌‌ ـــــــــــــــــــــ


﴿ هَٰذَا بَيَانٌۭ لِّلنَّاسِ وَهُدًۭى وَمَوْعِظَةٌۭ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾

( سورة آل عمران / الآية: ١٣٨ )

ولهذا قال تعالى: " هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ "
أي: دلالة ظاهرة، تبين للناس الحق من الباطل، وأهل السعادة من أهل الشقاوة، وهو الإشارة إلى ما أوقع الله بالمكذبين.

" وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ "
لأنهم هم المنتفعون بالآيات.
فتهديهم إلى سبيل الرشاد، وتعظهم وتزجرهم، عن طريق الغنى.
وأما باقي الناس، فهي بيان لهم، تقوم به عليهم الحجة من الله، ليهلك من هلك عن بينة.

ويحتمل أن الإشارة في قوله:
" هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ " للقرآن العظيم، والذكر الحكيم، وأنه بيان للناس عموما، وهدى وموعظة للمتقين، خصوصا، وكلا المعنيين حق.


📖 #تفسير_السعدي
Ещё