#تكمله.
أول ما وصلنا مصر قعدنا في فندق كانت ماما حاجزاه كذا يوم، لحد ما شافت سمسار جابلنا شقة إيجار واستقرينا فيها، ولما ماما قعدت مع نفسها وحسبتها؛ لقت إنها مضطرة تنزل تدور على شغل لأن الفلوس اللي أدهم كان هيبعتها، بعد ما يعمل حساب سكنه ودراسته؛ ماكانتش هتكفي كل شهر ايجار ومصاريف البيت والدراسة بتاعتي، فالدنيا ماكنتش أحسن حاجة، بس فضلت ماشية واتأقلمنا، ولما ماما لقت شغل في حضانة خاصة قريبة من الشقة اللي كنا مأجرينها، قدمتلي في مدرسة في نفس المنطقة وبدأت أنتظم وكملت دراستي لحد ما خلصت ثانوية عامة، كنت متقبلة كل حاجة بتحصلي عشان مافيش قدامي اختيارات، بعدها دخلت كلية آداب قسم انجليزي، دي كانت الحاجة الوحيدة اللي فرحتني من أول ما جيت مصر، وفي نفس الوقت حاولت أعتمد على نفسي، بدأت أدّي كورسات أون لاين للشباب اللي مش ظابطين النطق بتاعهم في الإنجليزي، وكمان كنت بترجم مذكرات، ولما الدراسة بدأت كل حاجة اتغيرت، مابقتش حاسة بالغربة، الجامعة كانت بالنسبالي مكان مفتوح شوية، مافيش مدرسين واقفين على راسك يحسبولك أنت عملت إيه أو اتكلمت مع مين، ومع الوقت، بدأت أكوّن صداقات واندمجت شوية مع الناس اللي حواليا، بس في يوم، رجعت من الجامعة تعبانة ومصدعه، دخلت غيرت هدومي ورميت نفسي على السرير ونمت على طول، ماحستش بالدنيا من حواليا غير لما سمعت صوت جرس الباب وهو بيرن كتير، رفعت راسي من على المخدة بغضب وغمضت عينيا بضيق... ده مين الرخم اللي نسي إيده على الجرس ده؟.. شيلت الغطا من عليا بنفاذ صبر، خرجت من الأوضة وأنا بدعي على اللي بيرن الجرس في سري، وقفت قدام الباب وفتحته وكنت لسه هشتم، بس اتصدمت، كان أدهم اللي واقف قدامي، في اللحظات اللي زي دي الناس بتفقد السيطرة، على قد ما بيبقوا فرحانين، على قد ما بيعيطوا من الفرحة.. اترميت في حضنه وفضلت أعيط، أما هو، فكان بيضحك ... يعني ودعتيني بالعياط وبتستقبليني بيه، ايه؟.. أرجع تاني يا بنتي ولا ايه؟. بعدت عنه شوية ومسحت دموعي وقولتله ان أنا بعيط من فرحتي، أنت مش عارف كنت واحشنا قد ايه؟
لما قولتله كده رد وقالي.. وانتوا كمان واحشنني كتير يا حبيبتي، وسعي كده عشان أنا جاي خلصان ومحتاج أريح شوية.
دخل أدهم وقفلت الباب ووقفت جنبه في نص الصالة، كان بيبص باستغراب للشقة وبعد كده لف بوشه وشاورلي بايده باستغراب...
-إيه ده؟
-مالك يا أدهم في ايه؟
- ايه الشقة والعفش دول، انتوا عايشين هنا إزّاي يا بنتي؟
-أهو يا أدهم، اللي موجود، وبعدين ماما بتحوش وإن شاء الله ربنا يقدرها ونجيب شقة تمليك.
-بتحوش!.. هو احنا مش لينا حق عند عمي ولا ايه؟
قطع كلامه وبصلي لما سمع صوت تكة المفتاح في الباب، وبعد ثواني ماما كانت واقفة بتبصلنا ومش مصدقة نفسها، كنت متأكدة إنه نزل أصلا من غير ما يقولها.. وعشان كده جريت عليه وشدَّته لحضنها وفضلت تعيط، وبعد فترة قضيناها في اللوم والعتاب على إنه نزل من غير ما يعرف حد فينا، ماما شدتني من دراعي وراها على المطبخ وقالتلي ...
-بقولك ايه، روحي لمي هدومك وحاجتك وانقليها أوضتي، وبسرعة يلا نضفي الأوضة بتاعتك ورتبيها عشان أخوكي يقعد فيها الكام يوم دول.
-نعم!.. لما هو ياخد أوضتي، أنا هنام فين ان شاء الله؟
-نمشي أمورنا ونستحمل بعض وتنامي معايا، وده ان شاء الله لحد ما أخوكي يسافر، وبعد كده ارجعي أوضتك عادي يعني.
-يا سلام!.. ومذاكرتي وامتحاناتي وحياتي اللي هتتلخبط!
-هي حياتك هتبوظ لما تقعدي معايا في الأوضة كام يوم يعني؟!
-أووووف، ماشي يا ماما.. ماشي.
سيبتها وطلعت، كان أدهم قاعد في الصالة، فدخلت أجهزله الأوضة وماما بدأت تجهز الغدا، نقلت كتبي وحاجتي عندها وغيرت الملاية وظبطت الأوضة، بعدها طلعت عشان أقوله إن الأوضة مترتبة، لكن ساعتها لقيت ماما بتقولي يلا عشان نتغدى، ساعدتها في تحضير السفرة واتجمعنا عشان ناكل، ومرة واحدة أدهم وجه كلامه لماما...
-بقولك ايه يا ماما، عايزك تنزلي معايا مشوار صغير كده بعد الأكل ضروري..
-خير يا ابني.. فيه إيه؟
-ماتقلقيش.. ده مشوار صغير كده يا حجة وان شاء الله خير.
-طب يا ابني مش ترتاح من السفر الأول وبعد كده نشوف عاوز تروح فين ونبقى نروح، الدنيا مش هتطير يا حبيبي.
-عشان خاطري يا أمي، اسمعي كلامي وماتضايقنيش.
-حاضر يا أدهم، اللي يريحك يا ابني، انا كنت عايزاك ترتاح شوية، بس مدام مصمم، يبقى خلاص.. ننزل.
وطول الأكل كنا بنبص لبعض ومش فاهمين هو عاوز إيه، بس أول ما خلصوا، أدهم خدها ونزلوا وأنا وقفت أروق المطبخ وأغسل الأطباق، ولما خلصت، قعدت أذاكر، وبعد خمس ساعات، رجعوا من بره وماما كان باين على وشها إنها مضّايقة، قعدوا في الأنترية وشدوا مع بعض؛ ووسط اللي بيحصل، وقفت بينهم عشان أعرف في ايه...
يتبع...
@stories_adjective