*أظن أن لو قيل لروائي: اصطنع مشهدا لاستشهاد أبي إبراهيم، لعجز عن إخراجه هكذا.. بسيطا ساذجا، حافلا بالتفاصيل معًا!!*
*المشهد بسيط غير معقد، ساذج غير مُثَقَّل، وهو مع ذلك بسيط.. ثوانٍ معدودة، وأربعة صور لا غير!! ثم هو مع ذلك حافل بالمعاني زاخر بالتفاصيل!!*
. مقاتل يقاتل فوق ظهر الأرض، بنفسه!
. أشعث أغبر باذل كل جهده، كما يحب ربنا ويرضى
. وحيد بعد تفرق صحبه، أو هلاكهم معه أو دونه!
. صامد صلب حتى اللحظة الأخيرة! لم يجد إلا العصا فقذف بها يقاتل!
. ملثم حَرَمَ العدو أن يتعرف عليه لئلا يُعتقل فتكون مذلة ومهانة!
. جريح ينزف، لكنه ربط ذراعه الجريح بفمه ويده الأخرى، بحبل ليحول دون استمرار النزيف!
. لا هو في نفق (وليس عيبا لو كان) ولا متدرعا بالأسرى (وليس عيبا لو فعل)
. يصطحب عدته في القتال: سلاح.. ومعها عدته الروحية: كتاب في الأدعية، ورقة في الأذكار، مسبحته.. وحبَّاتٌ يستعملها الناس لتعطير الفم، فلا تدري أكانت له لذلك الغرض فتكون دليلا على نظافة وطيب، أم كانت له غذاء ضعيفا لم يجد سواه، إذ هو مقاتل محاصر؟!
*ثم خذ مع هذا أيضا:*
. مزيد فضح للعدو المجرم الذي يضرب بقذيفة الدبابة مقاتلا جريحا ليس بيده إلا العصا!
. مزيد فضح للعدو الجبان الذي يتخوف من مقاتل واحد فيرسل بطائرة مسيرة تستكشف شأنه!
. مزيد فضح للعدو المرعوب الذي قضى يوما قبل أن يجرؤ على اقتحام المنزل المتهدم فوق المقاتل الوحيد الذي فرغت جعبته!
*ثم تذكر:*
. كل هذا لم يسع هو في تصويره ولا في بثِّه، إنما تكفل العدو له بهذا.. ترى هل كانت له مناقب أخرى حجبها العدو وكتمها؟!
*ألا صدق القائل:* علوٌّ في الحياة وفي الممات .. لَحَقٌّ أنت إحدى المعجزات
*وصدق القائل*: فتىً مات بين الضرب والطعن ميتةً .. تقوم مقام النصر إن فاته النصرُ
*وصدق القائل:*
دعتهم ثغور العز من كل موطن .. فطاروا سراعا ما لهم دونها صبر
أبوا أن يعيشوا كالعبيد بعالَمٍ .. تحكّم فيه الظلم واستحكم الكفر
فليست تطيق الكفر نفس أبيه .. ولا يقبل الإذلال في دينه حرّ
ففي الأرض منأى للكريم عن الأذى .. وفي الموت منأى عنه إن لزم الأمر
وكم من غريب في بلاد غريبة .. وفي الملأ الأعلى له الشأن والذكر
*
✍️محمد الهامي*
#جيل_التمكين
https://t.center/shababtody