ألَم أقُل لك يا صاح: كانَ الوقتُ فكانت الصلاة. وإنما الوقتُ هُو الصلاة. نَعُدُّهُ بالصلاةِ عَدًّا! ذلك أنَّ الأوقاتَ الخَمسةَ رُموزٌ لليَومِ كلّه: فَجرًا، فـ ظُهرًا، فـ عَصرًا، فـ مَغرِبًا، فـ عِشاءً! فماذا بَقِيَ بَعدَ ذلك من الوقتِ إلا امتِداداتٌ لهذِه أو تِلْك؟ فالوقتُ كُله إذَن هو الصلاة!
أنتَ تُصلِّي الأوقاتَ الخَمسةَ، إذَنْ أنتَ تُصلِّي العُمرَ كلَّه. قُلتُ: العُمر كلّه!
وإنّما فَرَضَ اللهُ الصلاةَ عُمرًا؛ لا حَركةً ولا سَكنةً إلا صَلاة!
ألم يَفرِضها -عزّ وجلّ- أولَ ما فَرضَها خمسين صلاة؟ ثم خَفّفَها إلى خَمسٍ، كلّ وقتٍ منها ينُوبُ عن عَشرةِ أوقات! فإنما الحَسنةُ في ديننا بعشرِ أمثالها!
أن تَعبدَ اللهَ بالوقتِ يَعني أنكَ تَعبدُهُ بمُهجَتِك، وما المُهجةُ إلا العُمر، وما العُمرُ إلا زَمَن، وما الزمنُ إلا أعوام، وما الأعوامُ إلا أشهُر، وما الأشهُرُ إلا أيام، وما الأيامُ إلا ساعات، وما الساعاتُ إلا دَقائق، وما الدقائقُ إلا ثَوانٍ!
فما عُمرُك يا ابنَ آدم؟
دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائلةٌ لهُ: إنَّ الحَياةَ دَقائقٌ وثَوانِ!
—
من كتاب "قناديل الصلاة" 📘