قال الأصمعي: دخلتُ على الخليل وهو جالسٌ على حَصيرٍ صغير. فقال لي: تعالَ اجلس. فقلت: أخشى أن أُضيِّق عليك. فقال: لا؛ إن الدُّنيا بأسرِها لا تَسَعُ مُتَباغِضَيْن، وإِنَّ شِبْرًا في شِبر؛ يَسَعُ مُتَحابّيْن.
جاء في الأغاني: دخلَ أشجعُ السُّلمي على الأمين بن هارون الرشيد حين أُجلسَ مجلسَ الأدب للتعليم وهو ابن أربع سنين وكان يجلسُ ساعةً ثم يقوم فأنشدتُه: ملِكٌ أبوهُ و أمُّهُ مِن نَبعةٍ منها سراجُ الأُمّةِ الوهَّاجُ شربَت بمكةَ في رُبى بطحائِها ماءَ النُّبُوةِ ليسَ فيهِ مِزاجُ .. قال: فأمرَت له زبيدةُ بمئةِ ألفِ درهم. قال: ولم يملك الخلافةَ أحد أبوه و أمه من بني هاشم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومحمد بن زبيدة.
..البيتان لرجلٍ مِنَ القُرّاء ساقَهُ عبيدُ الله بن زياد على أنه من الخوارج فأنكر الرجل التهمة فأمر عبيد الله بن زياد بسجنه متوعداً إياه بالعذاب.. فتمتمَ الرجلُ بكلماتٍ غيرِ مُبينة ، فاغتاظَ ابن زياد، وأمره بالجهر بما تمتمَ فإذا هما هذان البيتان.. فسكتَ ابنُ زياد ساعةً، ثم قال: قد أتاكَ الفرَج. خلوا سبيله !!
..من كتاب: (الفرَج بعد الشِّدَّة) للقاضي التَّنُوخي.
بدأ القاضي التَّنُوخي تأليفه في أواخر أيامه، على إثر مِحَنٍ تعرّضَ لها، و شدائدَ ابتُلي ،بها ثم نجا منها. رابط تحميل الكتاب: https://t.center/Fvbooks/1322?single
هجا شاعرٌ رجلا له مزرعة شعير، فأمسك عنه وقت الغلة، فلم يعطه شيئا، فجاء الشاعر يداريه، فقال صاحب المزرعة: ليس بيننا وبينك شيء... هجوتنا بالشعر وهجوناك بالشعير.
ولكنّ الطباع خسّت، حتى في الحَسد أيضا، كان النّاس قديما إذا حسدوا رجلا على يساره، حرصوا على كسْب المال حتى يصيروا مثله، وإذا حسدوه على عِلمه، تعلّموا حتى يضاهوه، وإذا حسدوه على جوده، بذلوا حتى يقال إنّهم أكرم منه، وإذا ... وعدّد أشياء كثيرة، فالآن لما ضعُفت الطبائع، وصغُرت النفوس، وعجزوا أن يجعلوا أنفسهم مثل مَن حسدوه، في المعنى الذي حسدوه عليه، عدلوا إلى تنقّص المبرّز، فإن كان فقيرا شنّعوا على فَقْره، وإن كان عالما خطّأوه، وإن كان جوادا قالوا هذا متاجر بجوده وبخّلوه، وإن كان فعّالا للخير، قالوا هذا مُراءٍ.
قال القاضي التَّنُوخي رحمه الله أنه سماه نشوار المحاضرة : "لأن النشوار ما يظهر من كلام حسن. يقال: إن لفلاناً نشواراً حسناً، أي كلاماً حسناً " وقدّم المؤلف كتابه للقراء بأنه: "كتابٌ يشتمل على ما تناثر من أفواه الرجال، وما دار بينهم في المجالس"