ما أشد الألم حينما ترى صديقاً لك، أو متربياً، أ, طالباً، أو ابناً يشكوا من البرد أو الجوع، سواءً أكان ذاك الغزي، أو اللبناني، أو السوري.. ما أوجع أن يتحوّل الناس إلى أرقام، بجوعهم، أو بردٍ، بينما ينعم الآخرون بحفلاتٍ موسيقية لبعض سويعاتٍ بآلاف الدولارات أحيانا، أو ترى أولئك الذين يشرون سياراتِ ذهبٍ، او هواتف ذهبٍ، او حتى يذهبون لينفقوا في عمليات التجميل الأموال طلباً لشهوةٍ خفية... أنا أعلم أن جمهور هذه القناة ليس من أولئك، لكنها نفثة!
تخيل أن تجد صديقك العزيز، الحافظ للقرآن والمشجع لك، المؤنس لك في وحشاتك، لا يستطيع النوم من البرد، تخيل أن يأتيك ابنك فيشكو لك برودة الطقس، والمطر، أو يأتيك طالبُك الذي تحبّه فيشكو لك ما قشعر عظمه لا لحمه فقط...
منذ فترةٍ ليست بالبعيدة، كنتُ في إحدى المساجد مع الإمام -وهو صديقي- فأتاه رجلٌ يشكو له الفاقة .. يشكو له البرد .. يشكو له السغب .. يشكو له أنه لا يجد فِراشاً يأوي إليه، (وما أكثر ما يأتي هؤلاء لأئمة المساجد)، ثم قال بما معناه: (أصحبت أفكرُ متى يأتيني الموت .. أنا أستطيع التحمل، لكن أولادي؟) تخيل أن تعيش هذا الهم يومياً، وتُهجّر من بلدٍ إلى بلدٍ، وتُسمى (لاجئاً) ثم يأتيك ذاك يشتمك بلغته، وذاك يقول لك بعتم أرضكم، والآخر يقول: انتم من دمر بلدكم، ورابعهم يقول: انتم وجه النحس أن تعيش كل هذه الحياة ..
تخيل لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا -الذي رقَّ لحال وفدِ مضر من فاقتهم- ثم سمع مقالة ذلك الرجل، أو مقالاتِ إخواننا في غزة، ماذا كان سيفعل؟ وكيف كان سيتصرف؟ كيف سيكون وجهه بأبي وأمي هو؟ صلى الله عليه وسلم ...
في فترةٍ حادثت أحد الإخوة ممن هم في غزة، وكان قد اعتذر عن حضور الدرس لأن هاتفه في الشاحن .. هل تعلمون كيف تشحن الهواتف في غزة؟ والله الإنسان يخجل من نفسه، وهو يتذكر الليالي والأيام الباردة التي لم يقم بها لطلب العلم، او للدراسة، بل (شد اللحاف ونام)
اللهم لا تؤاخذنا .. اللهم ارحم ضعفنا، اللهم ارحم برد من في الخيام، اللهم ادفئ قلوبهم واجسادهم يارب العالمين ):