بمناسبة الجرسة والعناء الحاصل اليومين ديل من انعدام الكهرباء والمياه في كثير من ولايات البلاد حابة تقروا كلامي دة
مبدئيا أنا ما بلوم أي زول متجرس والله لأني أدري ان قدرات تحمل الناس متفاوتة،وصبرهم على الشدة متباين ،وأنا شخصيًّا إلى وقت قريب كان اسمي" سيد جرسة" -عفا الله عني وهدى قلبي للشكر والصبر- .
حبيت والله أشارككم حديثي دة
لعلكم تجدُون فيه ما هو عزاءٌ وتسلية♥️
- قبل أقل من عام كنا في شرق النيل "الحاج يوسف تحديدًا" ،وعانينا زي كل الناس الفي المنطقة دي والمناطق المشابهة من انعدام الكهرباء وما يصاحبه من شلل في منافع كثيييرة،طبعا مع شح شديد في المياه.
أيام كتيرة ما بكون عندنا حتى ما يكفي للشرب، وهو ماء مالح لا نستعذبه ولا نطيقه.
كنتَ الوقت داك شايفة -بتجربي القاصِرة و الفقيرة- ،إنه الحياة متوقفة أو شبه متوقفة.
وإنه فعليًّا ما حترجع لينا الحياة الطبيعية إلا بعودتها لوضعها السابق،،أو اننا نطلع من المكان دة.
مكثنا عدة أشهر نحاول الصبر والتأقلم ،حتى أذِن الله لنا بالخروج.
ولستُ والله نادمة على شيء
كندمي على كل لحظةٍ فوَّتُّها من غيرِ أن أمارس عبودية الصبر .
ولكن الإنسان يتعلم.
مع تكرار التجربة بانقطاع الكهرباء والمياه في الوقت الحالي في الولاية الللي أنا فيها لعدة أيام تخللتها بضع ساعات جات فيها الكهرباء وقطعت تاني .
اكتشفت انه الإنسان بيقدر يعيش من غير كهرباء عادي والله !
ما هو زمان كان عايش !
ومن غير موية تجي في الماسورة ،
ألم يسخر لنا الله سبلًا غيرها!
سألت ناس الحلة عن مصدر للماء قريب غير البحر "النهر" لأنه النزول صعب بعض الشيء، فقالوا بئرٌ في آخر الشارع.
قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله وعندكم كمان بئر!
قالوا بل آبار.
- قلت انتوا غنيانين عديل كدة والله يا جماعة اللهم بارك.
وردنا ماء البئر، ورفعنا الماء بالدلو، وأخذنا حاجتنا منها بفضل الله.
نظرتُ فإذا بالماء قريب ،أبصره بعيني وأستطيع الحصول عليه.
يا الله
تذكرتُ قوله تعالى{قُل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورًا فمن يأتيكم بماءٍ معين}
يعني لو أصبح غائرًا في باطن الأرض لا تستطيعه أياديكم ودِلاؤكم ،من يأتيكم بماءٍ ترونه بأعينكم ويسهل لكم الحصول عليه!
قلت في نفسي لو ما كنت قبل كدة ذقت شح الماء الشديد قبل فترة لما تنعمت حقيقة بوجود هذا الماء الآن!
فسبحان الله لا يديمُنا على حال، ويعلمنا شكره على كل حال ♥️
جمعنا القليل من " جريد النخل " ،لنستخدمه مع الفحم في الطهي
وصنع الطعام.
بدلًا عن "الهيتر الكهربائي،والصاج الذكي" .
يمكن أن ينظر المرء للوسائل الحديثةِ أنها مريحة .
والوسائل التقليدية متعِبةٌ ومرهقة .
ولكن تعال أنقلك معي هنا إلى جانبٍ آخر.
-أشعلنا الفحم وجريد النخل معًا لنقتصد في ثمن الفحم،
صنعنا نارًا جيدة ،مناسبة جدًّا "للعواسة"
والطبخ أيضًا .
فتذكرت قول الله عز وجل :
"أفرأيتم النار التي تورون!
أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحنُ المنشؤون!
نحن جعلناها تذكرةً ومتاعًا للمقوين"
ياربِّ أنت أنشأت شجرتها،وعلمت الإنسان كيف يوقدُ منها ناره، وكيف يصنع عليها طعامه، وكيف يتذكر بها عذاب النار، وكيف ينتفعُ منها وبها !
تباركت ربنا وجلَّ شأنُك!
فربما كل هذه تجارب لتكتشف المزيد من نعم الله وتسخيراته للإنسان!
وتبصر ذلك عن قرب وتجربة، ما قد كان محجوبًا عنك ،أو ناءٍ عليك،وليس متاحًا بين يديك.
وربما لِتستشعر رفاهية الذي كان موجودًا فيهون عليك كل مفقودٍ دونه !
وعلى كل حال:
لا يعدم المؤمنُ معونة ربه والله حتى في أحلكِ أيامه.
وهذه الأيامُ دُوَل
لا تستقر على حالٍ ، ولا تدوم على شأنٍ واحد .
يُصرفها ربُّ الكون وفق مشيئته وعدله وحكمتِه.
كم غيّب عنكَ في غياهبِ الغيب أقدارً لو كُشف لك الحجاب لما اخترت إلا إياها ،وكم دبَّر لك أمرك وأنت عن شكره غافِل ،وبتعدادِ البلاءات متشاغِل!!
ربما يهيئُك لتكون من عبادِه الصابرين الذين يحبهم " والله يحب الصابرين" ،ويجزيهم عن صبرهم جنةً وحريرًا!
أما فطنت لذلك!
أما عاينتَ أن أمرك يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، وحالُكَ يرقى في سُلَّم الشدة درجة بعد درجة!
أما راودك أن تكون هذه ترقية وتمرينٌ لك !
إن أشدَّ ما أخشاهُ على نفسي كفران النعم وجحود فضل الله والجزع!
وهذا والله ما تخذلني فيه نفسي كثيرًا والله المستعان، ولستُ أشكو أمرها إلا لله ،أن يصلحها لي ويربيها بلطفه ولا يجعل بلائي فيها.
أنظرُ الآن حولي :
ظلامٌ دامس، ليس الأمر بجديد فمن المفترض أننا تعودنا على ذلك.
لكنني ما زلتُ لا أحب الظلام ،وأحمل همّ قدوم الليل في أيام انقطاع الكهرباء.
فكَّرت في حالي وتذكرتُ ظلمة القبر فهانَ عليّ هذا .