من أمثال العرب الشّهيرة قول العرب:
«عند الصّباح يحمد القوم السّرى»
معناه: إذا سرى القوم باللّيل قطعوا أرضاً كثيرة والأرض تطوى باللّيل لمن يمشيها فإذا أصبحوا حمدوا سيرهم.
قيل: هذا المثل بيت من رجز وقع في شعر الشّمّاخ، وذلك أنّه سافر في قوم من بني ثعلبة، فمشوا حتّى إذا كانوا قريباً من تيماء، قال الشّمّاخ لابن أخيه: انزل فاحد بنا
فنزل فحدا بهم ثمّ نزل القوم للحداء واحداً بعد واحد، فوقعت أراجيزهم في ديوان الشّمّاخ، فنسبت إليه، وأوّل الرّجز:
طاف خيال من سليمى فاعترى
بنجد أو تيماء أو وادي القرى
فمنع النّوم ومنّى بالمنى
وفي آخره:
عند الصّباح يحمد القوم السّرى
وتنجلي عنهم غيابات الكرى
وقيل: بل إنّ أوّل من قال ذلك سيّدنا خالد بن الوليد لمّا بعث إليه سيّدنا أبو بكر رضي الله عنهما وهو باليمامة، أن سِر إلى العراق، فأراد سلوك المفازة، فقال له رافع الطّائيّ: قد سلكتها في الجاهليّة، وهي خِمس للإبل الواردة ولا أظنّك تقدر عليها إلّا أن تحمل من الماء، ثمّ سقاها الماء حتّى رويت، ثمّ كعم أفواهها، ثمّ سلك المفازة حتّى إذا مضى يومان وخاف العطش على النّاس والخيل، وخشي أن يذهب ما في بطون الإبل، نحر الإبل واستخرج ما في بطونها من الماء ومضى، فلمّا كان في اللّيلة الرّابعة، قال رافع: انظروا هل ترون سدراً عظاماً؟
فإن رأيتموها وإلّا فهو الهلاك، فنظر النّاس فرأوا السّدر فأخبروه فكبّر وكبّر النّاس، ثمّ هجموا على الماء، فقال خالد رضي الله عنه:
لله درّ رافع أنّى اهتدى
فوّز من قراقر إلى سُوى
خمساً إذا سار به الجيش بكى
ماسارها من قبله إنسٌ يُرى
عند الصّباح يحمد القوم السُّرى
وتنجلي عنهم غيابات الكرى
يُضرَب للرّجل يحتمل المشقّة رجاء الرّاحة.
#أمثال_العرب