أُثِر عن العرب قولهم:
«إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة»
قيل: إنّ أوّل مَن قال ذلك سهل بن مالك الفَزَاريّ، وذلك أنّه خرج يريد النّعمان فمرّ ببعض أحياء طيّئ، فسأل عن سيّد الحيّ، فقيل له: حارثة بن لأم.
فأمّ رحله فلم يصبه شاهداً، فقالت له أخته: انزل في الرّحب والسّعة، فنزل فأكرمته، ثمّ خرجت من خبائها فاستملحها، وكانت عقيلة قومها وسيّدة نسائها، فوقع في نفسه منها شيء، فلم يدرِ كيف يرسل إليها يسألها الزّواج، ولا ما يوافقها من ذلك، فجلس بفناء الخباء يوماً وصار ينشد:
يا أخت خير البدو والحضارةْ
كيف ترين في فتى فزارةْ
أصبح يهوى حرّة معطارةْ
إيّاكِ أعني واسمعي يا جارةْ
فأطلقوه مثلاً يُضرَب لمن يقول شيئاً ويريد غيره، ويتكلّم بكلام عامّ أمام النّاس وهو يقصد حديثاً معيّناً لإنسان واحد مقصود منهم.
ويقال: إنّ ذاك الكلام راب الفتاة، وعرفت أنّها المعنيّة، فأجابته من خبائها: ما ذا بقوْلِ ذي عقل أريب، ولا رأيٍ مصيب، ولا أنف نجيب، فأقِمْ ما أقمتَ مكرَّماً ثمّ ارتحِلْ متى شئت مسلّماً.
فبيّن لها أنّه لم يقصد السّوء، فارتحل إلى النّعمان فأكرمه، ولمّا عاد مرّ بهم فخطب الفتاة وسار بها إلى أهله.
#أمثال_العرب