تمتّع من شميمِ عرار نجدٍ
فما بعد العشيّة من عرارِ
مذ قرأت هذا البيت نزل في فؤادي منزلاً عظيماً، صرت أردّده كثيراً وأشرحه لمن حولي، وما رأيت زهرة قبل الغروب إلّا تذكّرته، وما شممت عند نسيم الصّباح رائحة الزّهر من زيزفون وياسمين وقرنفل تفوح في الدّار إلّا أنشدته، وما جلستُ جلسة رائقة أو تحدّثت حديثاً حسناً مع أناس كرام إلّا شعرتُ بشعور ذاك البيت، فصرت أتمتّع بكلّ لحظة جميلة خشية فقدها.
العرار عِندي كلّ شيء حَسَن بديع، يملأ العين، ويرضي القلب، ويلذّ في السّمع، لا آفة له إلّا الزّوال "فما بعد العشيّة من عرار"
أيّام الطّاعات الّتي عظّمها الله تعالى وأمرنا بأن نضاعف عملنا فيها، ليلة الجمعة ويومه وساعته المباركة عرار يزول أو نزول فإن لم نعمل فيه حرمناه
أحاديث أهلنا وإخواننا وأصحابنا عرار يزول إمّا بالموت أو الهجر
حتّى مواقع التّواصل وكرامها عرار قد يزول بأيّ لحظة ونزول
كيف نخاصم مَن حولنا ونؤذيهم ونحزنهم وهم أحبابنا ولا نتمتّع بقربهم، فإن ماتوا أو فارقونا كدنا نهلك أسًى عليهم؟
وأهمّ شيء عمرنا الّذي نعيشه عرار، هذه المرحلة مرحلة الشّباب عرار عظيم، فكيف نضنّ بأنفسنا عن شميم عبقه واغتنامه قبل أن تأتي ساعة نذكره فلا نجده، كيف نمضيه بالكسل والملل والجدال والألم، كيف لا نستنشقه بما فيه وهو الزّائل من غير أن نشعر...
مذ عرفت هذا البيت وأنا أحاول أن أعيش اللّحظات بصفائها وحسنها متغاضية عن كثير من الشّوائب، لأنّي على يقين إن لم أتمتّع من شميم العرار الطّيّب الآن، فسأندم بعدها أشدّ النّدم وأنا أكره هذا الشّعور جدّاً.