View in Telegram
مقال الطلاقة اللغوية: تحديات وحلول في المجتمع الأهوازي سعيد بوسامر منشور في جريدة المثقف العربية Www.almothaqaf.org لطالما كانت الطلاقة في الحديث من أهم الصفات التي تميز العرب، وقد أضحت هذه السمة جزءاً لا يتجزأ من هويتهم الثقافية. يقول الجاحظ في كتابه "البيان والتبيان": "ليس في الأرض كلام هو أمتع، ولا آنق، ولا ألذّ في الأسماع، ولا أشدّ اتّصالاً للعقول السليمة، من طول استماع حديث الأعراب العُقَلاء الفُصَحاء والعُلَماء البُلَغاء." تتجلى هذه الطلاقة في كل زاوية من زوايا الحياة العربية، حيث يُعتبر الحديث فناً يُمارَس بشغف وإبداع. تبرز قدرة المتحدث على استخدام اللغة كأداة لنقل الأفكار والمشاعر، مما يخلق جواً من التواصل العميق بين الناس. فكل كلمة تُنطق تحمل في طياتها عبق التراث وجمال البلاغة، مما يجعل كل حديث تجربة فريدة تنسج خيوط التواصل بين الأجيال. بالطلاقة إننا نقصد عذوبة النطق التي تضمن التواصل السليم وترتبط مباشرة بالذكاء اللغوي لدى الفرد والذكاء اللغوي أحد أنواع الذكاءات التسعة التي تشكّل نظرية عالم النفس الأمريكي هوارد جاردنر. يعرّف الباحثون الذكاء اللغوي بأنه القدرة الفعالة علی استخدام اللغة في تحقیق أهداف معینة، مثل التعبیر عن النفس وفهم المعاني والاستماع الفعال وتذكر المعلومات والتعبیر عنها وأیضا التحدث بطلاقة وفاعلیة. في هذا الشأن حاولنا اختبار الذكاء اللغوي أو قياس الذكاء اللفظي من خلال اختبار طلاقة اللسان وعذوبة النطق( باللغة العامية السليمة) على ١٦٣ فردا من الأهوازيين( ٧٥ من الذكور و٨٨ من الإناث ) في الفئة العمرية بين ١٩ إلى ٢٣ عاما، فطلبنا منهم أن يتحدثوا عن موضوعٍ شرحنا تفاصيله دون انقطاع ودون خلط مفردات أو عبارات فارسية لثلاث دقائق. بعد إدارة البحث وجمع وتحليل وتفسير النتائج أظهرت النتائج أن نسبة الطلاقة عند العينة المستخدمة بلغت نحو ٣٠ بالمئة مما تشير إلى ضعف واضح في الذكاء اللغوي لدى الأهوازيين. استطاع ٥٤ فرداً من العينة( ٤٣ من الذكور و ١١ من الإناث) أن يتحدثوا عن الموضوع المناقَش وفق قواعد منهجية واستخدام مفردات جيدة تضمن التواصل السليم مع المخاطب أي كان تدفق الكلمات لديهم طبيعيا إلى حد كبير. أما النسبة المتبقية (أي نحو ٧٠ بالمئة من العينة) فكانت ضحية اضطرابات لغوية كالتلعثم والتأتأة أو عدم تهجّى الكلمات بدقة، خلط الموضوع بمواضيع أخرى غير مرتبطة، اللجوء للمفردات الفارسية، الصعوبة في إيجاد المفردات المناسبة، النطق بجملات غير متماسكة، والتحدث بعبارات فارغة تفتقر إلى أي معنى. تثبت هذه النتائج أن معظم الأهوازيين يعانون لغوياً بمعنى أنّ لديهم اضطرابات لغوية عند التحدث والتواصل السليم مع الآخرين شفوياً فلا يستطيعون أن يتحدثوا لدقائق (أو حتى لثوانٍ في بعض الأحيان) بلغتهم العربية السليمة على الرغم من سلامة بقية المهام والقدرات فيهم. بالطبع الأسباب التي تؤثر في تضعيف الذكاء اللغوي كثيرة نطرح ثلاثة منها هنا، فإذا وضعنا الفروق الفردية جانبا هناك: الف) البنية المعرفية السابقة والتي تأتي من القراءة والاستماع للحوارات المفيدة وهذه ما تفتقدة معظم الأسر الأهوازية فعملية المعرفة وتطويرها شبه معدومة في الأسرة العربية وتُعوّل الأسر غالبا ما على المدرسة والنصوص المدرسية باللغة الفارسية التي قلّما يفهمها الأطفال. ب) ذكاء الفرد اللغوي يرتبط بالظروف المحيطة ودرجة احتكاكه بالناس وتفاعله الاجتماعي. ينبغي أن تبعث البيئة التي يعيش فيها الفرد روح الثقة بالنفس، والمشاركة في الحديث مع الآخرين بعيدا عن الاستهزاء والسخرية ج) التذبذب بين اللغتين العربية والفارسية وعدم اتقان كل لغةٍ على حِده. التذبذب يحدث حالة من الضياع والتشتت في ذهن الفرد مما يعسّر عملية النطق بطلاقة. لم يتقن أغلب الأهوازيين اللغة العربية السليمة فتراه يمزج بينها وبين الفارسية للتعبير عن نفسه وهذا يضر بلغته العربية لا محال. إنه لا يتقن الفارسية أيضا ليعبر فيها عن رأي أو خطاب يدور في ذهنه لذا تراه ضيّع المغنمين. نحن نعي أن تعلم أي لغة مفيد للعقل لكن هذا ليس معناه أن نتعلم لغة جديدة وننسى لغتنا أو نخلط بين هذه وتلك ولتكن كل لغة في مكانها ومكانتها. لاشك أن التفكیر عند الفرد یرتبط بذكائه اللغوي ویمثل هذا الذكاء أكثر من 80% من نسبة نجاحه في التعلّم ومن دونه یصبح التعلیم المدرسي والجامعي محبطا كما یرتفع معدل الفشل لدی الأفراد بشكل كبیر علی الرغم من كفایتهم في الذكاءات الأخری ( الاحصائيات الرسمية تؤيد الفشل الدراسي في الأحياء العربية). أيضا أثبتت الدراسات أن 85% من ذكاءات الفرد في الحياة كالذكاء العاطفي، والذكاء المنطقي الرياضي وغيرها تعود إلى تواصله اللغوي. إذن من منطلق أنّ معرفة المشكلة وتحديدها أهم نقطة في حلّها ينبغي إعمال المطلوب سريعا على ضعف الذكاء اللغوي بغية تحسينه لدى الأهوازيين وهناك أساليب عدة لهذا الغرض نشير إلى بعضٍ منها:
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Find friends or serious relationships easily