⚫ قصص بدون أسماء
مما يؤدي إلى ظلم النفس وعميان البصيرة : التفاخر بالأسماء والأحساب والأنساب والأباء والأجداد والقبيلة وغيرها ، فذلك كله ذنوب وظلمات بعضها فوق بعض ، وفي الغالب ينفذ الشيطان على العبد : في حال غفلته وضعفه وفتنته بالدنيا وغير ذلك من أحوال ضعف البصيرة وقلة الإخلاص في الأعمال لله تعالى.
ولو تأملنا في القرآن الكريم : لوجدنا أن الله تعالى ذكر قصص عظيمة فيها مواعظ وعبر عن مؤمنين (من غير الأنبياء والرسل) ولم يذكر أسمائهم ولا ألقابهم ولا أحسابهم ولا أنسابهم .. لتكون عبرة للناس أنها لا تفيد في شيء!!.
ومن هذه القصص ما يلي :
1- مؤمن آل فرعون :
( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ) غافر 28.
هذا الرجل كتم إيمانه ، ثم بدأ يدعوا قومه وينصحهم ، وتآمروا عليه لقتله ، وفوض أمره إلى الله تعالى :
( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)) غافر.
فنجاه الله منهم ومن مكرهم :
( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45)) غافر.
خلد الله ذكره في القرآن ، ولم يذكر إسمه ، فهكذا المؤمن الصادق مع الله تعالى المخلص بعمله لوجه الله عز وجل.
2- مؤمن أصحاب القرية في سورة يس :
( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)) يس.
نصح قومه ودعاهم إلى الله واتباع الرسل ، فتأمر عليه أصحاب القرية فقتلوه ، فأدخله الله الجنة لأنه شهيد ، فلم يذكر إسمه ، ولكن خلد الله ذكره في القرآن :
( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)) يس.
3- الخضر عليه السلام مع موسى عليه السلام في سورة الكهف :
( فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (65)) الكهف.
جاء في التفاسير أنه الخضر عليه السلام ، فلم يذكر إسمه ، ولكن خلد الله ذكره في القرآن.
4- قصة أصحاب الكهف وهم الفتية الذي آمنوا بالله وزادهم الله هدى ورشد ، ولم يذكر أسمائهم :
( إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً (10)) الكهف.
ولم يحدد عددهم ، بل الله أعلم بعدتهم ، فليس مهم العدد ، والمهم أنهم آمنوا بالله ، وعددهم وأسمائهم عند الله تعالى : ( سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (22)) الكهف.
5- المؤمن المصاحب للكافر صاحب الجنتين في سورة الكهف :
لم يذكر إسمه : ( وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ... (34)) الكهف.
فلم يذكر إسم صاحبه المؤمن!!
وكذلك في الآية : ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا (37)) الكهف.
• إذاً : ليس المهم من أنت؟؟
وليس المهم ما مقامك عند الناس!!؟
• إنما المهم هو : ماذا قدمت لدينك؟؟
وماذا أنت عند ربك!!؟
هؤلاء ناس خلد الله أعمالهم في القرآن ، ولم يذكر أسمائهم ولا آبائهم ولا أجدادهم ، فأحسن الظن بالله تعالى ، وتوكل عليه ، واخلص عملك لله عز وجل ، وليكن هدفك هو رضا الله وحب الله تعالى ، فإذا رضي عنك وأحبك : أرضاك وكفاك ، ورفع شأنك عند أهل الأرض وأهل السماء وكنت من المقربين.