ليست حياة مَن يُريد -بناء أُمَّةٍ- سهلة!
ليست بتلك الوَرديّة الحالِمة، ولا هي مَبنيّة على خرافةٍ فارغة، إنّما هي ميدان، فيه من الجهاد والجهد ما فيه، يربّي في الميدان نفسه، ويتابع زاده القلبيّ الخَفِيّ، ويرتّب جدوله الذّاتي، ولحظاته الفرديّة، وتزكية روحه، والارتقاء بها في مقامات العبوديّة، حتّى تستقيم! فيَصير الإخلاص رفيقه، والصّدق قلبه، والآخرة مساره.
ثم يرتّب زاده الفكري، بين تأصيلٍ شرعيٍ، ووردٍ قرآني، وسيرَةٍ تربويّةٍ حَرَكيّة، ينظر فيها جوانب البناء والعمل، وثقافةٍ واسعة في جوانب الحياة، وامتلاك مفاتيح العلوم ولو قشورها، وفقهًا عميقًا للواقع، وقراءةً جيّدة للنّفوس، وبحثًا ودراسةً وسؤالًا هنا وهناك!
ثمّ يرتّب زاده الميدانيّ، حتى يكون للعطاء دَور وللغرس مكان، فيبدأ بتأسيس مشروعه وأفكاره وأحلامه واقعًا يحياه، فلا يجلس فارغًا دون انصهارٍ بحُلمه، يبدأ بالخطة والخطوة والتّحليل والتنفيذ والقياس، وتعديل الخريطة وإعادة النَّظَر، وتشكيل الفريق الفاعل، وزرع بذور الهمم.
ثم يرتّب زاده النّخبويّ، ليختار أكتافًا تربّت على يده، وقرأت فكره، وعاشت لحظته، وسارَت بقدمه، وتَنَفَّسَت مساره، وشاركت خطوته، فيبدأ بتأسيس القلب، وترتيب العقل، وإشغال الوقت، وتأسيس المشاريع الحَيّة، والنقاط الحَراريّة، وإشعال فتيل الهَمّ، وحمل المسؤوليّة، وتمكين الأدوار، والعَيش للآخرة.
ليست سهلة، ولا هي حياة يستطيعها كلّ أحد، ولا هو مسارٌ يُقطَع بالحُلم فقط! ولا يوفّق له إلا مَن اجتهد في تفريغ قلبه إلّا من اللّه! ليست سهلة، مكابدة دائمة، ومخاطر عائمة، يُوَدّع فيها النّوم، وينسى الرّاحة، ويثبّت النَّظر، ويجاهد ألف شيء في باطنه ولو ذَبُلَ ظاهره.
ليست سهلة!
#قصي_عاصم_العسيلي