في تلك اللقطة الحاسمة، يدعو الغضنفر المغوار الرابض خلف الكاميرا على رأس عبوته، تخيلوا ماذا يقول وبمَ يدعو في ثغر كهذا؟ يدعو بصوت شجي متحشرج متعب غير قانط من رحمة الله: "اللهم أيدنا بالمؤمنين من مصر، والأردن، ولا تحرمهم أجر (القتال) في سبيلك" !
تخيل، عزيزي المصري؛ في تلك الأوقات العصيبة التي يعيشها المصريون من حسرتهم ونكستهم، ويحنون رؤوسهم في خجل مما صنعته دولتهم بأهلهم وإخوتهم، يأتي إخوتهم بالسلوى لهم، متخطين حدود الواقع المشين، والعجز المقيت، ويدعون لهم، ويدعونهم، في الآن ذاته، أن يؤيدهم الله بهم!
وهم مبصرون، بالله وبكتابه وبالجندية في صفوف جيشه المصطفى، أن ذلك ليس المشهد النهائي، وإنما أول الجولة، وسيكون من مصر تأييد، ونصر، وجبر، خلاف ما توقعه المصريون أنفسهم، ورغم أنوف الظالمين وأعناق الطغاة المتجبرين؛ فلا تخلو غزة من سلوى مصر أبدًا، ولا يشفي صدرها المقهور أحد بقدر جنود القاهرة.