#قصة_صراع_بين_حلم_وواقع_طبيب
عندما كنت صغيرًا، كانت لدي أخت صغيرة تعني لي العالم. في أحد الأيام، مرضت أختي بشكلٍ شديد، وكان مرضها يتفاقم. لم تكن هناك مستشفيات أو مراكز صحية قريبة، فنحن نعيش في ريفٍ محروم من كل الخدمات. كان الأمر صعبًا، فالأرياف في اليمن ليست كالأرياف في الدول الأخرى، بل كانت تعاني من الفقر والحرمان.
قررت أن أذهب لأحضر لها الدواء. انطلقت مشيًا على الأقدام، حاملاً هموم عائلتي على كاهلي. كنت أجر قدميّ في صعوبة، أرتفع فوق الجبال المنحدرة، وأهبط في الأودية العميقة. كانت الشمس حارقة كأنني في صحراء قاحلة، لكنني كنت مصممًا على الوصول.
بينما كنت أقطع الطريق، اعترضني بعض الأطفال الذين كانوا كقطاع طرق. لم يكن لديهم نية حسنة، وانهالت عليّ ضرباتهم. كنت حذرًا، فخبأت النقود التي كنت أحملها تحت قدمي في شواربي، وركضت بعيدًا عنهم، وقلبي ينفطر من الألم. بكيت في صمت، لكنني لم أستسلم.
وصلت إلى السوق بعد مشقةٍ لا تُحتمل، ووجدت الدواء الذي كانت تحتاجه أختي. لكني كنت أعلم أن العودة ستكون أصعب، خاصة مع اقتراب الليل وظلمته. كانت خطواتي ثقيلة، والقلق يتصاعد في صدري، لكنني كنت أتحرك بأقصى سرعة ممكنة.
عندما اقتربت من البيت، شعرت بأنني قريب من تحقيق ما جئت من أجله. كان هناك بئر نشرب منه الماء، فاتجهت نحوه لأشرب قليلًا من الماء قبل أن أواصل. لكن في لحظةٍ مأساوية، سقط الدواء من يدي وغطس في قاع البئر. شعرت كأن الأرض قد انشقت تحت قدمي. كيف سأعود إلى البيت بلا دواء وأختي على فراش الموت؟
تملكني اليأس، لكنني تذكرت ملامح أختي الضعيفة، وابتسامتها التي كانت تملأ قلبي بالفرح. في تلك اللحظة، أدركت أن معاناة أهل الريف لا تنتهي، وأنني لا أريد أن أكون مجرد شاهد على الألم.
فكيف بالمحبطين الذين يريدون أن أنثني عن هدفي؟ حاشا وكلا! لن أميل عنه حتى أحقق مبتغاي. كان هناك الكثير ممن حاولوا ثنيي، الكثير ممن نظروا إليّ بعيون الشك، لكنني كنت أعلم أن الطريق إلى تحقيق أحلامي لن يكون سهلاً.
واجهت أحداثًا مروعة، فقد رأيت أناسًا يبيعون أحلامهم بسبب الفقر، وآخرين يتوسلون في الشوارع. عاصرت مشاهد مؤلمة لأطفال يجوبون الطرقات جائعين، ونساء يحملن هموم الحياة على أكتافهن. كل هذه المعاناة كانت تشعل نار الإصرار في قلبي.
في طريقي، صادفت امرأة مسنّة تجلس على حافة الطريق، عينيها تفيض بالدموع. سألتها عن حالها، فقالت إن أبنائها غادروا القرية بحثًا عن العمل، ولم يعد لهم أثر. كان صوتها ينفطر قلبي، وكأنها تمثل كل من فقد الأمل.
عدت إلى المنزل، محملاً بأحلامي وآلام الآخرين، عازمًا على أن أكون طبيبًا. كنت أرى في عيني أختي، حتى في مرضها، الأمل الذي يجب أن أتمسك به. قررت أن أواجه كل الصعوبات، وألا أستسلم للظروف.
هكذا، تحولت معاناتي إلى دافعٍ قوي، ورسمت لنفسي طريقًا نحو مستقبلٍ أفضل، حيث أستطيع أن أكون طبيبًا، وأن أقدم العون لأبناء قريتي، وأن أحقق حلمي، حلم أختي، وحلم كل من عانى في تلك الأراضي القاسية.
#الكاتب_وسيم_العميسي