قال الله تعالى عن ذي القرنين :" قال ما مكنّي فيه ربي خيرٌ "
ورسالة سورة الكهف من هذه الآية مفادُها ؛
أنّ الله أودع في كل إنسان نقاط قوة ، وهذه النقاط قد تكون في دينه أو علمه أو خلُقه أو ماله أو بدنه ، أو في ما حباه الله من صوت فيسخّره في طاعة الله ، وقد تكون قوته في برّه لوالديه ، أو السعي في مصالح الوطن الذي يعيش فيه ويأكل من خيره ، أو السعي في مصالح العباد وتفريج كرباتهم وقضاء حوائجهم ، أو غير ذلك مما رزقه الله من مواطن القوة ..
وأمر ذي القرنين عجيب في صفتين:
الأولى :
أنه نسب الفضل لله وحده فقال " ما مكنّي في ربي "
فلم يتفلسف ويدّعي أنه اشتغل على نفسه وطوّرها وتعِب ، وكأنه ينسب الفضل لقدراته الخاصة فيُشابه قارون الذي قال " أوتيتُه على علمٍ عندي " !! بل لولا فضل الله عليه لما كان شيئاً يُذكر ..
والثانية :
أنه أدرك أن ما أعطاه الله له هو الخير
ولو أن كل إنسان أدرك نقاط قوته وترك ما سواها من الأمنيات الفارغة والأحلام البعيدة لاستراح ونجح في حاضره ومستقبله ، إذ أغلب الناس اليوم يبحث عما لا يملك وينسى ما يملك ، وهو كثير ، فما خلق الله إنساناً إلا وسخّر له من مقومات حياته ما يحيا به راضياً سعيداً ..
فالتَفِتْ إلى نفسك ، وتعرّف على ذاتك ، وانظر ما وهبك الله من القوة أياً كانت ، وَسخّرها فيما يحبّه الله .. فتلك حياتُك ، وذاك هو أنت ..
ثقْ أنّ ما وهبك الله من القوة المعنوية أو الحسية حين تكتشفها في نفسك قد يكون مفتاح بابك إلى الجنّة ..
ولن تشكو بعدها من فراغ يستفزّك
ولا اكتئاب يقضّ مضجعك
ولا حُزن يُخيّم على ربيع حياتك الجميل ..
فالله جميل ولا يأتي منه إلا كلّ جميل ولو كان في ظاهره غير ما تُدرك ..