#في_بيتنا_مسك 3
إذا كان الطفل يحتاج ثلاثة أشهر فقط كمرحلة انتقالية من استخدام لغة الرضيع وحتى يقوم بتكوين لغته الخاصة للتواصل مع من حوله،
ألا يعني ذلك أنه يعقل ويستوعب ما يحدث حوله على قدر الخبرات الحياتية البسيطة التي كونها؟
ولهذا كنت دائما ما أتعامل مع أطفالي على أنهم يعقلون حتى لو لم أعلم مدى إدراكهم،
وكنت أعلم أني مصدر المعلومات الأساسي في تلك المرحلة، وكل فترة أحاول تعليمهم شيء جديد سواء كلمات أو مشاعر أو غيرها.
ورغم أني مررت بمواقف كثيرة مع أولادي دعمت تلك القناعة عندي، إلا أن ما حدث مع فتاتي حينما بلغت عام واحد من عمرها كان نقلة كبيرة بالنسبة لي.
فقد قدر الله الأسباب أن أحتجز في مستشفى الطوارئ ليلة وكانت أول مرة ابتعد عنها فيها، ورغم أنها رأتني جالسة وسط المرضى، وذهبت مع زوجي وإخوانها إلا أنه يبدو أن الأمر لم يكن سهلا عليها،
وحينما عدت إلى البيت في اليوم التالي لم تكن روحها وسلوكها كما اعتدت منه،
بل كان فيها شيئا غريبا، فسألت زوجي عنها وأخبرني أنها كانت هادئة
فقط حينما حاول تغيير حفاضتها، كانت في حالة أشبه بالصدمة لكنها كانت صامتة ولم تعترض
فأشفقت عليها لأني منذ ولادتها لم أكن أسمح لأحد أن يرى شيء من جسدها وأنا أغير لها ولا حتى والدها، وهذا حالي مع كل إخوانها، ولذا كان الأمر صدمة لها.
ثم قدر الله الأسباب أن أعود لمستشفى الطوارئ مجددا بعد ساعتين من عودتي للبيت، وكنت على تواصل طوال اليوم معهم، وحاولت التحدث مع فتاتي في مكالمة فيديو على غير عادتي،
لكنها لم تتجاوب معي، وبقيت أنا بالمستشفى ما بين أشعة وتحاليل حتى اليوم التالي حينما بدأت صحتي تتحسن مع العلاج، واكتشفوا أن كل ما حدث لي كان سببه التهاب عصب لأحد ضروسي :)
المهم عدت للبيت، وكلما حاولت الاقتراب من فتاتي، ابتعدت عني وكانت تصرخ على غير عادتها، فسألتهم عنها وما حدث لها خاصة أني هذه المرة غبت عنها يوم وليلة
فقالوا انها لم تكن تصرخ في غيابي
أحزنني الأمر كثيرا وأحزنني رفضها لي، حتى في وقت نومها لم تقبل قربي منها
حتى مر يوم أو ربما يومين وحينما جلست أفكر فيما حدث، يبدو أنها ظنت أني رحلت وتخليت عنها لأني لم آخذها معي
فكأنها شعرت أني رفضتها ولا أرغب بقربها، لذلك أثر الأمر على نفسيتها
ولم تعد تعاملني كما كانت سابقا حتى اطمأنت أني أصبحت أنام بالبيت معهم ولم أعد أتركها
ومع ذلك منذ ذلك اليوم أصبحت شديدة التعلق بي وترفض النوم مطلقا مهما كانت مرهقة إلا لو كنت بجوارها، رغم أنه مر عامين ونصف على ذلك الموقف.
ورغم محاولاتي الكثيرة للتحدث معها وتوضيح أنها صارت فتاة كبيرة وأنه حينما تذهب للحضانة لن أكون معها، ليس لأني أرغب بتركها ولكن لأن الحضانة خاصة بالأطفال فقط، وكثيرا ما أذكرها بوالدها وإخوانها كون كل واحد منهم يذهب إلى المدرسة وحدهم ولا أكون معهم.
فإذا كانت فتاتي تأثرت بهذا الشكل من موقف واحد مرت به،
فما بالكم بالأطفال الصغار الذي يمرون بالكثير من المواقف مع أهلهم
مواقف تؤذي الأطفال نفسيا وتترك أثرا عميقا يؤثر على احساسهم بالأمن والأمان دون أن ينتبه الوالدين أن ذلك الطفل الصغير يفهم ما يحدث حوله حتى لو لم يستوعب كل تفاصيل الموقف؟
ألا يستحق ذلك منا وقفة وتركيز فيما نفعله نحن معهم؟
ولذلك حثنا صلى الله عليه وسلم برحمة الصغير والاهتمام به وبمشاعره، وله مواقف كثيرة ما الأطفال كان يطبق فيها ذلك
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقر كبيرنا) [الترمذي]
أسأله سبحانه أن لا نكون سببا في أي أذى ممكن أن يتعرض له أبناؤنا ويزعزع أمنهم وأمانهم
💞 نسَيْنا أو تَنَاسَيْنا، سَتَزهَرُ هَا هُنَا بِذْرَةُ الإيمَان
💞