غريبٌ كيف كانت غيوم تشرين تأتي محمّلةً بالذكريات العذبة..
تسقطها على قلبي حلاوةً كما تسقط ماءها العذب على الأرض العطشى..
وقد كان قلبي كالأرض عطشاناً لكن للذكريات..
وبينما كان الخريف عند الآخرين نهاية الأشياء..
فقد كان عندي كلّ بداياتي!
كيف لا وقد كانت ولادتي في الخريف..
كنت أشعر أنّ الأمور تزهر في الخريفِ أكثر من أيّ وقتٍ مضى..
لقد كان الخريفُ ربيعي الحقّ..
وليس الربيع الذي يأتي في آذار إلّا موسماً لتلوين البساتين..
كان الربيع يحمل لي مع عبير أزهاره ذكريات آلامي..
والنهايات التي انتهت نهايةً تليق بكبريائه..
نهاياتٍ لا يبدو عليها الألم لحظتها لأنّ كلّ ما حولي من الألوان والجمال الربيعيّ لا يترك لك مكاناً كي تعي ما يحصل..
إنّ الربيع خادعٌ بجمال!
لم يكن الخريفُ يوماً خادعاً بل كان متعرّياً بحقيقته كما كانت تتعرّى الأشجار فيه..
ولعلّ ذلك كان سبباً في أنّ الناس لم تحبّه..
لربّما كانوا يفضّلون خداع الربيع..
أو البرد الذي يجعلك ترتجف إلى الحدّ الذي يكاد يتجمّد فيه فكرك..
كنت أحبّ بدوري البرد لكن بقدر..
وكنت أحبّ ما ينزل من السماء..
المطر وليس الثلج..
أيّام الثلج أيضاً تجرّ إليّ الذكريات..
يذكّرني الثلج كم أنا وحيدة..
أو على الأقلّ كم كنتُ كذلك..
ولكنّني أسمع المطر يهمس لي:
" أنا هنا معك ".
#ربيعية_الروح 🍂✨