- *﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾: إن أوامر الله* *تعالى كلها موضوعة بحيث أن النفوس قادرة على القيام بها، لم يكلفك الله بشيء فوق طاقتك، التفكير يسير سهل، فالإيمان سهل ولا يتطلب مشقات. ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾: من العمل، لا يذهب من عملك بالدنيا شيءٌ. ﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾: من النيّة، عملك لك.* *﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾: المؤمن لا يقع عن قصد وتصميم. بل عن نسيان وخطأ، دوماً يخاف على نفسه. ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا﴾: كما طلب الله تعالى من قوم موسى أن يذبح بعضهم بعضاً،* *اليهود أصرُّوا، فكلَّفهم بذبح أنفسهم، تجلَّ علينا حتى لا نصرَّ وننوي أشياء سيئة. ﴿كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾: وهم اليهود.* *﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾: كما قتل بنو إسرائيل آباءهم. ﴿وَاعْفُ عَنَّا﴾:* *امح هذا الشيء من نفوسنا، هذا طلب المؤمن. ﴿وَاغْفِرْ لَنَا﴾:* *بالشدائد لنعود للحق. ﴿وَارْحَمْنَا﴾: بالشفاء. ﴿أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾: هذا طلب المؤمن.*
فكِّر قليلاً، ما المراد من ذلك، أرسلك للدنيا لسعادتك، لتعمل، ليكون لك من عملك وسيلة تتقرب بها إلى خالقك، أراد ربك أن يعطيك نعيماً لانهاية له. أرسلك ربك إلى الدنيا لهذه الغاية، لا للهو واللعب، لا للملاهي وتضييع الأوقات، مهما سعيت فذلك لك وعائد عليك.
*أين كنت قبل مجيئك للدنيا؟ فلماذا أنت حريص عليها إلى هذا الحد؟!*
*أنت جئت لتنال السعادة، وستذهب إلى النعيم إن فعلت الخير. وبعد الموت إلى أين ستذهب؟* *اعلم أنك بعده ستحشر إلى الله سبحانه وتعالى... إلى صاحب الحنان، الحليم، الكريم، صاحب الرحمة بك، فهل تشقى، تفتقر إن ذهبت إليه؟* *لكن لم تعرفوا بعدُ رحمته، حنانه وعطفه!* *المؤمن إن مات يرى بعد الموت أجمل شيء، الدنيا وما فيها لا يبدِّلها بلحظة من اللحظات بعد الموت.*
*﴿هَذَا ذِكْرٌ﴾: لكم أيها الخلق، كونوا معهم، إياكم أن تموتوا وأنتم لستم معهم، فهؤلاء الرسل والأنبياء مقامهم عند الله عظيم. إن سرتم معهم صار لكم مقام عظيم بمعيَّتهم. ﴿وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ﴾: الدرجة الثانية دون الأنبياء. منكم يا عبادي كل من سعى وآمن بي وصار له نورٌ مني. ﴿لَحُسْنَ مَآَبٍ﴾: الذين ينالون شهادة "لا إلۤه إلا الله" في الدنيا من بعد أن نكثوا عهدهم مع الله في الأزل لهم حسن رجعة، رجعتهم لله تكون عظيمة بما يجعل الله على أيديهم من أعمال كبيرة في هداية الخلق عن طريق رسل الله صلوات الله عليهم أجمعين، فماذا يجدون:*
*﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾: لهم سرور متتال متتابع لا ينتهي، دائماً من حالٍ لحالٍ أعلى ومن جنةٍ لجنةٍ أعلى، فمجيئنا للدنيا لنوال خير عظيم، حيث بالأزل كنا بجنة واحدة أما بعد التكليف ونزولنا الدنيا فسننال جنات كثيرة وأنواراً عظيمة بأعمالنا الصالحة. ﴿مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ﴾: يقبلون على الله دونما حجاب بمعيَّة رسلهم صلوات الله عليهم، لا يقفون عند درجة واحدة دائماً طيران في الجنات.*
*﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾: فكِّرْ مَن خلق السماوات وأوجد فيها ما أوجد من نجوم عظيمة سابحة وكواكب وشمس وقمر؟ من خلق الأرض وجعل لها هذا الدوران. ﴿فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾: جعل لها أربعة فصول وليلاً ونهاراً. ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُّغُوبٍ﴾: لم يتوقف النظام لحظة، من الذي يمد النجوم العظيمة؟ من يحركها؟ فكر بهذا لتؤمن ويحصل لك نورٌ من الله فترى الممد لها سبحانه. ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُّغُوبٍ﴾:* *ما غُلِبنا على أمرنا، لم نغب، ما غِبنا عن الكون، فالإمداد جارٍ عليه من الله، لو تركه الله لحظة لصار عدماً، هو تعالى الصمد الذي يمدُّ ولا يستمد من أحد ولا يعتريه ضعف ولا نقصان، أي: خلق سبحانه وتعالى السماوات والأرض ولم يمسّه تعب أو نصب، هذه الآية تنفي ما قاله بنو إسرائيل من أن الله تعب "وحاشاه" وفي اليوم السابع ارتاح.*