ولم تعش الأمة فقدًا أعظم من فقده، ولن تعيش مصيبة أكبر من مصيبة موته، واستمرت الراية كما هي لا تسقط ولن تسقط، حتى وصل هذا الدين إلى رجل كهذا، يتقدم مواكب المدافعين عنه، بروحه وعمره ونفسه، فلا تهنوا، ولا تحزنوا، وأنتم الأعلون!
ثم ماذا تنتظرون من رجل قضى بضعا وستين سنةً يقاتل في سبيل الله وينكأ العدو ويغيظ المحتل ويوجه له الصفعة بعد الصفعة ويجعله يلعن اليوم الذي ولدته فيه أمه؟ ماذا تنتظرون أن يعيش ستين عاما أخرى؟ والله لولا الله لظن الناس أن قد تأخر أجله! اثنان وستون عاما يا سيدي من الترجل.. أما آن للرجل أن يستريح؟! أن يلقى الله وقد تشققت قدماه وشقيَ قلبه وشقت رأسه؟!
ثم إلم يقبض الربان في عز الطوفان فمتى يكون موعد مع الله خير من ذاك؟ أولا يعطى الأجير أجره قبل أن يجف عرقه؟ وهاهو عرق السنوار سائلًا مدرارا منذ نصف قرن لم يجف، لم يترك موضعا يغيظ أعداء الله إلا وكان على جبهته، سبابته مدفع ولسانه سوط وثغره فوّهة! أفلا يموت الرجال؟ لعمرك هذا ممات الرجال.. ومن رام موتا شريفا فذا!
استشهد الرجل، وهو ليس مقبلًا وحسب، في نفق تحت الأرض بثمانين مترًا، وإنما شيء له أن يموت مقبلًا هو هو بنفسه، مشتبكًا هو هو بساعديه، كارًّا هو هو بجعبته العسكرية، فارسًا هو هو بخنجره وبندقيته، بالله هل ترجون للرجل تكريمًا أدنى من ذاك؟!
الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر الله أكبر الله أكبر!
ْ برأيي لا بأس بقليل من الحزن مقابل أن تتخذ قرارًا صحيحًا تبنى عليه حياتك أحيانا تكون القرارات القاسية هي السبيل الوحيد لواقع افضل و حقیقی الوقت يعالج كل شيء ويهدم كل شيء حتى الذكريات الجميلة وأنبل العواطف تموت ويحل محلها نوع من الحكمة الباردة التي تجعل كل شيءٍ يهدأ ..
قد تسامح لكنك لا تقبل التعامل مع الشخص مرة أخرى، تتجاوز لكن لا تتعافى من أثر الموقف، تتناسى لكنك تتجنب الأشياء التي تثير ذاكرتك من جديد، وترضى بوجود أشخاص في حياتك إحترامًا للذكريات والتفاصيل التي كانت تجمعكم في الماضي..
هناك حواجز عتيقة تُبنى بسبب كلمة، موقف، تفاصيل صغيرة، حواجز تجعلنا نفكر ونتردد بعد أن كنا نتحدث معهم بتلقائية وعفوية، تسلب منا شعور الأمان والطمأنينة ويتوقف عندها العطاء والمودة..
بعض الحواجز تكون أكبر من قدرتنا التسامح، التغافل والتجاوز، والحب .