يهد قلبه
حياتك كلها مشاكل وبتطلع من مصيبة بتدخل في غيرها
فقررت إنك تفوق وتقرب لربنا أخيراً وبدأت تاخد خطوات في الطريق الصح ظناً منك إن ده الطريق الوحيد الممهد اللي مفيش فيه مطبات ومصائب وإبتلاءات .. فأحب أقولك إنك غلطان !
الطريق ده زيه زي غيره
بل خليني أكون صريح معاك أكتر .. الطريق ده أشد كمان من غيره !
إيه يا عم أحمد انت جاي تنفر الناس من طريق ربنا ؟!
لا والله بس ليه نخدعهم ونقولهم عكس الحقيقة !! انت لو داخل الطريق ده تهرب من المشاكل اللي في حياتك فإنت غلطان لإن الطريق ده مليان مشاكل هو كمان
ما تقرأ شوية كده في قصص الأنبياء
منهم اللي هرب من بلده علشان كانوا هيقتلوه .. ومنهم اللي شاف ابنه بيغرق قدامه .. ومنهم اللي خد تريقة وسخرية من قومه ليل نهار .. ومنهم اللي أخواته من وهو طفل خططوا لقتله والتخلص منه .. ومنهم اللي اتسجن سنين ظلم .. ومنهم اللي اترمى زبالة قدام بيته كل يوم .. ومنهم اللي اُتهم في شرفه وعرضه .. ومنهم اللي فقد الأب والأم والزوجة والأولاد !
لما دي تبقى حياة الأنبياء وهم خير خلق الله .. عايزني أخدع الراجل وأقوله إن حياتك في القرب من ربنا هتخلو من المشاكل والإبتلاءات والمصائب والظلم والكيد والحسد والأذى !! عايزني أوعده بحاجة ربنا سبحانه موعدوش بيها ليه !
طيب وكده هنقنعه إزاي إنه يقرب لربنا طالما المشاكل هتفضل مستمرة في حياته وهتزيد كمان ؟؟
الإجابة ببساطة في آية في سورة التغابن "مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" .. يعني المصيبة هتحصل هتحصل مفيش كلام .. فالوعد الرباني للإنسان اللي هيؤمن بيه وهيقرب ليه مش في إنتهاء المصائب والأزمات من حياته .. الوعد واضح وصريح "من يؤمن بالله يهد قلبه" .. فالمسألة مش في تحسن ظروفك الخارجية وإنما في في تحسن إستقبالك ليها !
هي دي بقى الدخلة الصح اللي تدخلها لأي حد عايز تقنعه بطريق ربنا .. لإنك ببساطة بتتكلم بمنتهى الثقة عن الطريق (الوحيد) فعلاً اللي هيجد فيه سلامه النفسي .. عرفه إن المصيبة هتحصل هتحصل لإننا في الدنيا مش في الجنة وهيطلع من مشكلة هيدخل في غيرها (زي حياته بالظبط قبل كده) .. لكن اوعده إنه هيلاقي إنسان جديد تماماً في إستقبال المشاكل دي والتعامل معاها !
عرفه إن في حاجات في قلبه هتتغير وهو مش واخد باله .. هيلاقي نفسه بيعرف يقف ثابت وبيواجه وهو مش متعود على كده ! وهيلاقي نفسه هادي ومطمن وصابر في مواقف كانت بتقلب حياته جحيم قبل كده ! هيلاقي نفسه قوي وهيستغرب قوته دي جت منين !
من أجمل التشبيهات اللي قرأتها في موضوع إبتلاء المؤمن (إن الله ليكره عبده على البلاء كما يكره أهل المريض مريضهم وأهل الصبي صبيهم على الدواء ويقولون: اشرب هذا فإن لك في عاقبته خيرا) .. المؤمن بالله فقط هو اللي هيكون متأكد إن البلاء ده من الله وإنه قطعاً فيه الخير ليه لذلك بياخد الدوا وهو هادي وصابر وثابت لإنه متأكد من الشفاء (وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن)
الآية دي كمان وأنا بقرأ عنها لقيت إن ليها قراءة تانية (على الرغم إنها مش من ضمن القراءات العشر) إلا إنها مذكورة في تفسير القرطبي ومعناها لطيف جداً وهي "من يؤمن بالله (يهدأ) قلبه" .. شوفت المعادلة واضحة إزاي ؟!
لذلك كن على يقين إننا عايشين في الدنيا مش في الجنة فطبيعي إنها دار إبتلاء .. ولكن من سار فيها في طريق الله أهداه الله جنة الدنيا .. لا في قلة إبتلاءه .. ولكن في هدوء قلبه ❤️
#رحلة_تدبر
#أحمد_سمير