🔸الصحابي الجليل: أبو ذر الغفاري.
💌التعريف بالصحابي: هو جندب بن جنادة بن قيس بن غفار المشهور بأبي ذر. أحد السابقين الأولين للإسلام، وقيل خامس خمسة دخلوا الإسلام. مدحه الرسول -ﷺ- بالصدق وقال فيه: (ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر).وكان أسمر اللون وضخما وكثيفا وكث اللحية.
📮قصة إسلامه: كان أبو ذر واحدًا من قبيلة غفار، وكان يمتاز بجراءة القلب، وبعد النظر، وكان يضيق أشد الضيق بعبادة قومه للأوثان من دون الله، وسمع أبو ذر عن أخبار النبي الّذي ظهر في مكة، فقال لأخيه أنيس: "اذهب إلى مكة وقف على أخبار هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي وأنه يأتيه وحي من السماء واسمع شيئًا من قوله واحمله لي، فذهب أنيس إلى مكة وقابل النبي -ﷺ- وسمع منه ثم عاد أنيس إلى أبو ذر الذي تلقاه في لهفة فقال أنيس: والله لقد رأيت رجلا يدعو إلى مكارم الأخلاق ويقولون عنه: إنه ساحر، وكاهن، وشاعر. فقال أبو ذر: والله ما شفيت لي غليلاً، ولا قضيت لي حاجة، تزود أبو ذر لنفسه، وحمل معه قربة ماء صغيرة، واتجه إلى مكة يريد لقاء النبي والوقوف على خبره بنفسه، فلما بلغ مكة، وقد أقبل الليل واضطجع في المسجد فمر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فعرف أنه غريب فقال: هلم بنا أيها الرجل، فمضى معه وبات عنده ثلاث ليال ثم سأله سيدنا علي: ألا تحدثني عما أقدمك إلى مكة؟ فقال أبو ذر: لقد قصدت مكة من أماكن بعيدة أبتغي لقاء النبي الجديد وسماع شيء مما يقوله، فانفرجت أسارير سيدنا علي -رضي الله عنه- وقال: " والله إنه لرسول الله حقًا " وصار يصفه له بأكمل الأوصاف، ثم يصل أبو ذر للنبي -ﷺ- ويقرأ عليه النبي ما تيسر له، ويعلن إسلامه ويأمره النبي بكتم خبر إسلامه، ولكن يقول أبو ذر للنبي: (والذي بعثك بالحق لاصرخن بها بين أظهرهم ويقف في المسجد ويعلن الشهاده ثم امسكوا به وضربوه وهو صابرٌ على الأذى محتسب الأجر من الله -عز وجل-، وما زالوا يضربونه حتى أغمي عليه فانقذه العباس قائلا لقريش: "أنتم تجار وطريقكم على غفار وهذا رجل من رجالها، إن يحرض قومه عليكم يقطعوا على قوافلكم الطريق" فعندها تركوه، وعاد سيدنا أبو ذر إلى عشيرته وقومه يدعوهم للإسلام فيسلمون واحدًا تلو واحد ولا يكتفي بقبيلة "غفار" بل ينتقل إلى غيرها من القبائل يدعو إلى الإسلام احتسابًا للأجر من الواحد الأحد. فمن منا دعا أحدًا إلى الإسلام؟! وأبو ذر قد دعا قبيلته بأكملها.
📜صفاته: كان راسًا في الزهد، والعلم، والعمل، والصدق، قوالًا بالحق، لايخاف في الله لومه لائم، وكان يفتي في خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وهو أول من حيا رسول الله -ﷺ- بتحيه الإسلام.
💎روايته للحديث: اتفقا له الشيخان باثني عشر حديثًا. البخاري: بحديثين ومسلم: بتسعة عشر (سير أعلام النبلاء الذهبي جـ٢ صـ٧٥)
📝وصايا النبي -ﷺ- لأبي ذر: أوصاه النبي -ﷺ- بكثير، ونذكر منها، عن أبي ذر قال: قلت: «يا رسول الله، ألا تستعملني؟» قال: فضرب بيده على مَنْكِبِي، ثم قال: (يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأَدَّى الذي عليه فيها، وأوصاه النبي -ﷺ- بأحب الكلام. فقد روى مسلم والترمذي: عن عبدالله بن الصامت، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله -ﷺ-: (ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟) قلت: يا رسول الله، أخبرني بأحب الكلام إلى الله، فقال: (إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده).
وأوصاه النبي -ﷺ- بصيام ثلاثة أيام من كل شهر. فقد روى أحمد والترمذي وغيرهما أن رسول الله -ﷺ- وسلم قال: (يا أبا ذر، إذا صُمت من الشهر ثلاثة أيام؛ فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشره).
وأوصاه النبي -ﷺ- بسبع. فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عبدالله بن الصامت، عن أبي ذر، قال: أمرني خليلي -ﷺ- بسبع: أمرني بحب المساكين، والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني، ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإِنْ أَدْبَرَتْ، وأمرني ألَّا أسأل أحدًا شيئًا، وأمرني أن أقول بالحق وإن كان مُرًّا، وأمرني ألَّا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أَنْ أُكْثِرَ من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنهن من كنز تحت العرش.
📌غزواته: اشترك أبو ذرٍّ مع النبي -ﷺ- في غزوة حنين، وكان حامل راية غفار، واشترك أيضًا في غزوة تبوك، وشهد فتح بيت المقدس مع عمر بن الخطاب؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي، جـ 2، صـ 56).
🖋أقواله: كان يقول: "يكفي من الدعاء مع البر؛ ما يكفي الملح من الطعام". وقال لأصحابه: "صوموا يومًا طويلا حره ليوم النشور، وصلوا ركعتين في سواد الليل لظلمة القبور".
▪️وفاته: توفي أبو ذر الغفاري في ذي الحجة، سنة: 32 هـ، في الربذة. وكان أبو ذر لما حضرته الوفاة قد أوصى امرأته وغلامه فقال: "إذا مت فاغسلاني وكفناني وضعاني على الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولا: هذا أبو ذر فلما مات فعلا به ذلك، فإذا ركب من أهل الكوفة فيهم عبد الله بن مسعود فسأل: ما هذا قيل جنازة أبي ذر فبكى ابن مسعود وصلى عليه".