إن كان وصول الحراك لأهدافه مستبعدًا فما السيناريوهات الأخرى المتوقعة؟
السناريو الأول: تعديل الحراك لأهدافه بما يحقق له قوة في الحشد وعودة مؤثرة إلى حلبة الصراع، وهذا بنظري مستبعد أيضًا؛ وذاك لأنَّ الحراك يفتقد للمرونة والنضج، وهو خليط غير متجانس من الأشخاص والكيانات المتناقضة، لم يجمعها غير بغض الجولاني وإسقاطه، وفي حال فكَّر العقلاء منهم في مراجعة الأهداف وتغييرها والتقليل من حدتها؛ فإنَّ ذلك سيقود تلقائيًّا إلى تفكك الحراك ونهايته.
السناريو الثاني: ترحيل الأزمة، وبقاء الأمر على ما هو عليه، وترك عامل الزمن يعمل عمله، وهذا وارد جدًّا، فإذا بقي الحراك على تشدِّده، فإنَّه سيصبح بالنسبة للسلطة كيانًا مجرمًا مثله مثل تنظيم الدولة، وسيُخصص له طاقم أمني يتابع ملاحقته بشكل روتيني ودوري، ويُترك مصير الحراك للتقادم الزمني، إلى أن تنتهي عناصره البشرية سجنًا واعتقالًا، وتموت قضيته مع الوقت.
السناريو الثالث: انشغال الجميع بأزمة أعظم وحدث أكبر، تمامًا مثلما حدث مع خصوم الهيئة السابقين، كمظاهرات 2019 في معرة النعمان التي استمرت طويلًا ضد الجولاني وانتهت في الأخير بالحملة الروسية على الطريق الدولي (m5)، ووقوع حدث مثل هذا حاليًّا محتمل بدرجة كبيرة، خاصة بعد التقلبات الدولية الأخيرة ومحاولات التطبيع التركي السوري. وهو ما يتطلب من الرموز الواعية في الطرفين المسارعة لإصلاح ذات البين، وإدراك مخاطر مواجهة الأزمات المقبلة بصف داخلي مترهل تسوده أجواء فقدان الثقة والنزاع، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [سورة الأنفال:46].
السيناريو الرابع: الحسم الأمني العنيف للحراك باعتقال نشطائه والتنكيل بأعضائه، وهو مستبعد، فلو أنَّ السلطة أرادت ذلك لحسمت منذ زمن طويل، فكيف تفعل ذلك الآن بعد هذا الجهد المضني من الاحتواء والتنازلات والمبادرات والإصلاحات؟! وكيف تحسم الآن وقد أوشكت على قطف ثمار سياستها الحالية؟! وذلك غير وارد لسبب آخر أيضًا؛ وهو رفض طيف واسع من قادة الهيئة ونشطاء المحرر لأي وسائل عنيفة غير ضرورية.
السيناريو الخامس: استمرار الضغط على الحراك بالحد الأدنى من الإجراءات الأمنية في نفس الوقت الذي تفتح له فيه أبواب واسعة للعودة إلى مسار الإصلاح، ولعل ذلك سيثمر مع الوقت تراجع كثير من الكتل عن الأهداف عالية السقف إلى أهداف مقبولة يمكن تحقيقها. ونظن أنَّ هذا المسار في طور التحقق فعلًا مع تراجع حدة المظاهرات في بلدات بنش وحزانو وجسر الشغور وانخراط أهلها في مبادرات الإصلاح. لكن بطبيعة الحال ستبقى فئة لا يمكن صرفها عن منهج الإسقاط والصدام باعتبار أنَّها في الأساس تنطلق من دوافع نفسية وعاطفية، وهذه مع الوقت إذا وجدت نفسها وحيدة ستنكفئ منتظرة جولة أخرى لتهيج بها الوضع.
https://t.center/osamaisaa