🧠 - متلازمة الحزن العميق (Prolonged Grief Disorder - PGD).
♻️ - شكوى من المريض:
- "دكتور، لا أستطيع أن أصف لك مقدار الحزن الذي أشعر به الآن. أشعر وكأنني غارق في ظلام دامس، لا أستطيع أن أرى ضوءًا في نهاية النفق. فقدتها، وهذا الفقدان يسحقني كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله. كل شيء يذكرني بها، من الأماكن التي كنا نذهب إليها، إلى الأغاني التي كنا نسمعها، حتى رائحة الأماكن... كلها تجرني إلى ذكريات كانت تأخذني إلى الفرح والسكينة، والآن أصبحت مجرد أشياء تؤلمني وتزيد من جرح قلبي.
لم أعد أستطيع النوم، حتى عندما أغمض عينيّ، أراها، وكأنها تتنقل بين أفكاري وأحلامي. وحتى في نومي، لا أستطيع أن أهرب من هذا الشعور الثقيل. في لحظات استيقاظي، أفكر في كل ما كان بيننا، في كل لحظة، في كل كلمة، في كل شيء قلتُه أو لم أقله. أعيد تقييم كل شيء، وألوم نفسي، وأتساءل هل كان بإمكاني أن أفعل شيئًا مختلفًا؟ هل كان بإمكاني أن أكون أفضل؟
- أشعر أنني لا أستطيع العيش بدونها. كل شيء فقد مع فقدانها. الحياة أصبحت بلا طعم. أحيانًا أتناول طعامي دون أن أشعر بطعمه. أحيانًا أخرج مع أصدقائي، ولكنني لا أستطيع أن أكون موجودًا معهم بشكل حقيقي. أنا فقط أريد أن أكون وحدي، حتى أنني أخشى أن أكون بين الناس لأنني لا أستطيع أن أخفي حزني، ولا أريد أن أبدو ضعيفًا.
أنا لا أستطيع أن أتحمل هذا الألم. أشعر وكأنني لا أستطيع التنفس، وكأنني غارق في بحر من الذكريات والألم الذي لا ينتهي. أريد أن أجد طريقة للشفاء، ولكن لا أستطيع أن أرى كيف يمكن أن يحدث ذلك."
♻️- التشخيص:
▪️ - التشخيص المبدئي:
"إن مشاعرك وأعراضك تعكس حالة من الحزن العميق المستمر، وهو ما يعرف بمتلازمة الحزن العميق (Prolonged Grief Disorder - PGD). ما تمر به الآن هو استجابة مفرطة وغير متكيفة لفقدان الحبيبة، حيث أن الحزن المستمر والمزعج يؤثر بشكل ملحوظ على جودة حياتك اليومية. الأعراض التي ذكرتها، مثل التفكير المستمر في الشخص المفقود، والانعزال الاجتماعي، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، تشير إلى أنك تعاني من اضطراب يؤثر بشكل كبير على حياتك."
▪️- كما أن الأعراض المصاحبة مثل النوم المتقطع، والشعور بالفراغ، وصعوبة التفاعل مع الآخرين، وافتقاد القدرة على الاستمتاع بالحياة، تتداخل مع أعراض الاكتئاب والقلق، وهما من الأعراض النفسية المترابطة التي تؤثر بشكل كبير على المزاج والأداء اليومي.
♻️ - خطة العلاج:
1. العلاج النفسي المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy - CBT):
- "دعنا نبدأ أولًا من خلال إعادة تقييم طريقة تفكيرك حول هذه الحالة. ما تمر به من حزن وعذاب هو جزء من عملية طبيعية للتعامل مع الفقدان، ولكنه يحتاج إلى معالجة بطريقة صحية لتجنب الاستمرار في دائرة الألم دون تحسن.
أنت تعيش الآن في دوامة من التفكير المفرط واللوم الذاتي، وهذا يعيق قدرتك على التكيف مع الوضع الراهن. عندما تفكر في علاقتك السابقة، عادة ما تكون أفكارك محصورة في التفكير السلبي: 'أنا فشلت'، 'لم أفعل ما يكفي'. لكن هذه الأفكار ليست دقيقة. الحزن الذي تشعر به هو طبيعي بعد فقدان علاقة عاطفية، ولكن عندما يتحول إلى التفكير في تفاصيل صغيرة للغاية، فإنه يصبح محصورًا في دورة من الألم المستمر."
- الهدف من العلاج هو تعلم كيفية تحدي هذه الأفكار السلبية واستبدالها بأفكار تساعدك على التأقلم والتعافي. يمكن أن نبدأ بتحديد اللحظات التي تشعر فيها بالألم الشديد، ثم نحاول معًا أن نعيد تشكيل رؤيتك لها، بشكل يعزز من قدرتك على التعامل مع هذا الحزن.
▪️- تقدير قيمة الذات: "لنقم أيضًا بتحديد نقاط قوتك وقيمتك الذاتية. فالألم ليس دليلاً على فشلك، بل هو استجابة طبيعية لخسارة شيء ثمين. وبالعمل معًا، سنتعلم كيف نعيد بناء صورة إيجابية عن نفسك."
2. العلاج بالتعرض التدريجي (Exposure Therapy):
"أنت تخشى مواجهة الذكريات لأنها تؤلمك، لكن التغلب على هذا الخوف هو خطوة حيوية في علاجك. سنتعامل مع هذا الألم خطوة بخطوة. في البداية، يمكننا أن نبدأ بمواجهة الذكريات أو الأماكن التي تذكرك بها تدريجياً، مما سيقلل من قوة التأثير السلبي على مشاعرك. سنقوم بذلك تدريجياً، لنواجه الألم بطريقة تسمح لك بقبوله وتجاوزه."
3. تقنيات التنفس العميق والوعي الذهني (Mindfulness & Breathing Techniques):
"التوتر النفسي الذي تشعر به يؤثر أيضًا على جسمك. لهذا السبب من المهم أن نمارس تمارين التنفس العميق. عندما تجد نفسك غارقًا في الحزن، أو في لحظات الضغط الشديد، جرب أن تأخذ أنفاسًا بطيئة وعميقة. سيساعدك هذا على تهدئة الجهاز العصبي، ويخفف من القلق والضغط النفسي. سنبدأ بتدريبك على هذه التقنيات بشكل يومي، بحيث يمكنك استخدامها في حياتك اليومية للحد من مشاعر الفقد والضغوط."