"وقتالسَّحَر، هو وقت الأرباح والبركات ولا يُحرم منه إلّا محروم"
وثبت في الصحيحين: (ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقي ثلث الليل الآخر؛ فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟)".
قال العلماء في شرح : (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) "أي: الغنيمة التي تحصل بغير مشقة، والعرب تستعمل البارد في شيء ذي راحة، والبرد ضد الحرارة؛ لأن الحرارة غالبة في بلادهم، فإذا وجدوا برداً عدُّوه راحة ."
أي: ﴿قُلْ﴾ يا أيها الرسول، لما تبين البرهان ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أي: الخبر الصادق المؤيد بالبراهين، الذي لا شك فيه بوجه من الوجوه، وهو واصل إليكم من ربكم الذي من أعظم تربيته لكم، أن أنزل إليكم هذا القرآن الذي فيه تبيان لكل شيء، وفيه من أنواع الأحكام والمطالب الإلهية والأخلاق المرضية، ما فيه أعظم تربية لكم، وإحسان منه إليكم، فقد تبين الرشد من الغي، ولم يبق لأحد شبهة.﴿فَمَنِ اهْتَدَى﴾ بهدى الله بأن علم الحق وتفهمه، وآثره على غيره فلِنَفْسِهِ والله تعالى غني عن عباده، وإنما ثمرة أعمالهم راجعة إليهم.﴿وَمَنْ ضَلَّ﴾ عن الهدى بأن أعرض عن العلم بالحق، أو عن العمل به، ﴿فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ ولا يضر الله شيئًا، فلا يضر إلا نفسه.﴿وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ فأحفظ أعمالكم وأحاسبكم عليها، وإنما أنا لكم نذير مبين، والله عليكم وكيل. فانظروا لأنفسكم، ما دمتم في مدة الإمهال.
قال تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ أي: دلنا وأرشدنا، ووفقنا للصراط المستقيم، وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله، وإلى جنته، وهو معرفة الحق والعمل به، فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط. فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط، تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا. فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته، لضرورته إلى ذلك.
إذا رُزق العبد القبول، وتوافدت إليه القلوب بالمودّة؛ فليُراع هذه النّعمة بسؤال الله السّتر والعافية، وملازمة الدُّعاء لمن أحسنوا به الظنّ، فإنّ الافتقار في هذا الجانب سبيلٌ مؤدّي لتزكية النّفس وهضمها، وما من شيء يُهلك العبد كهلاكه بفتنة الإعجاب والثناء، ورؤية الحال والمَقام، ومعلومٌ أنّ الثناء الحَسن وتوافد القلوب بالمودّة لا سيما قلوب أهل الخير؛ من عاجل بُشرى المؤمن في الدنيا، لقوله تعالى: ﴿إنّ الذين آمنوا وعملوا الصّالحاتِ سيجعلُ لهمُ الرَّحمنُ وُدَّا﴾، والمُراد بالودّ هنا؛ ما جاء في تفسير أبي حيّان، عن قول الزمخشري: "بأن سيُحدث لهم في القلوب مودّة ويزرعها لهم فيها من غير تودُّدٍ ولا تعرُّض للأسباب التي يكتسب بها النّاس مودّات القلوب من قرابة أو صَداقة أو اصطناع"، وقال هرم بن حيّان: "ما أقبل عبدٌ بقلبهِ إلى الله عزّ وجل؛ إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقه مودّتهم ورحمتهم".
ومن شأن القبول الذي يُرزق به العبد؛ أنّه بهذا المقام قد تتعجّل فتنته، من حيث لا يشعر، وحتى يتوسّط في هذه المسألة؛ فلا بُد له من عناية خاصّة بأحواله الباطنة، وأن يتفكّر في عيوب نفسه التي لا يعلمها إلا الله، وأن يُراعِ هذه النّعمة بسؤال الله العافية في الدنيا والآخرة، وأن يدعو للمسلمين ولمن أحسنوا به الظنّ، فإنّ الدعاء ركيزة ثبات العبد في دينه ودنياه، وإنّ النّعم لتدوم بشُكرها، وشكر العبد لربّه يكون بالتزوّد من العمل الصالح، ومُراقبة السريرة، والاجتهاد في المسارعة إلى الخيرات، فمنهم بهذا مقلٌّ ومُستكثر.
أمس زرت أحد الأصدقاء وقال لـي: كنتُ أتصدق عن خالتي المتوفاة من زمن كل يوم بريالٍ واحد فقط؛ ثم انشغلت ونسيت أن أتصدق عنها مدة من الزمن؛ فأتتني في النوم فقالت: يا فلان أنا زعلانة عليك كنت تزورني ثم قطعتني؛ فسأل أحد المفسرين فقال: كنت تصلها بهذه الصدقة فقطعت الصدقة عنها، وهي تريد منك الاستمرار في وصلها!
لا تنسوا أمواتكم فهم يفرحون بوصلهم في الدعاء والصدقة والأعمال الصالحة، فقد انقطعوا عن العمل ولم يبق لهم إلا ثلاثة أنهار أنتم أحدها، فلا تقفوا عن الجريـــان..
🔹"لو علم المقصر مع القرآن ما الذي ينتظره من نعيم حين يشرع في التلاوة ماتردد والله لحظة .. والعاجز -عن تلاوة شيء من كتاب الله، تجاوزته "مواطن الأنس" وهو قادر على الظفر بها..
🔸من بركة القرآن أن الله تعالى يبارك في عقل قارئه وحافظه . . فعن عبد الملك بن عمير : ( كان يقال إن أبقى الناس عقولا قراء القرآن ) - وفي رواية : ' ( أنقى الناس عقولا قراء القرآن ) ' 🔸وقال القرطبي رحمه الله : من قرأ القرآن مُتّع بعقله وإن بلغ مئة !