س: لا أجد الوقت الكافي لقراءة القرآن الكريم، فما هي وصيّتكم؟
#قصاصات_جامعيةلوحةٌ منتشرة في بعض مدننا.. وقد تكون من معلَّقاتِ (الكيّات وبعض التكاتك) أي ما يكتبه البعض خلفَ سيّاراتهم، عبارة شهيرة بأسلوبٍ خاص، تقول: «هل صلَّيتَ على محمدٍ وآل محمدٍ اليوم»؟
ومع عظم فضل الصلاة على النبيّ وآله.. إلا أنَّ مما ذكرتها الروايات الشريفة، من ثوابت الحياة اليومية للإنسان المؤمن.. هو قراءة القرآن، والذي ينبغي أن لا يتركه الإنسان ولو يوماً واحداً.
فالقرآن: رسالةُ الله سبحانه وتعالى إلى خلقه.. بل عهدُهُ إلى كُلِّ البشر، وأنا وأنت منهم. لا يختلف إن كنتَ طالباً جامعياً، أو استاذاً، أو تاجراً، أو عالما.. فكلهم بشر، والقرآن عهدُ الله إليهم.. والعهدُ – لغةً- هي الرسائل المتضمِّنة للأوامر.
فحين تعرف أنَّ الله تعالى، أرسل لك رسالةً خاصَّة تضمَّنت أوامر عليكَ تنفيذها، هل تكتفي بأن تقبِّل الرسالة ثم تضعها على الرف؟ أم أنَّك تتطلِّع على مضمونها؟
ومن هنا قال الإمام الصادق (ع): (القران عهد الله إلى خلقه فينبغى للمسلم ان ينظر في عهده و ان يقرأ في كلّ يوم خمسين آية».
ما أقلُّها من آياتٍ لا تحتاج سوى عشرة دقائق في اليوم.. فهل نبخل بها على ربِّنا؟ بل هل نبخل بها على أنفسنا؟
أفلا يجد الإنسان بين مساحة الجدّ واللعب.. بين مساحة العمل واللهو.. وقتاً لقراءة كتاب ربِّه؟
وما أجمل ما عبَّر به إمامنا الصادق (ع):
مَا يَمْنَعُ التَّاجِرَ مِنْكُمُ الْمَشْغُولَ فِي سُوقِهِ إذا رَجَعَ إلى مَنْزِلِهِ أَنْ لَا يَنَامَ حَتَّى يَقْرَأَ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَتُكْتَبَ لَهُ مَكَانَ كُلِّ آيَةٍ يَقْرَؤُهَا عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَ يُمْحَى عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ
ومن أيسر ما يكون، أن يجعل الإنسان وقت قراءته للقرآن بعد صلاةٍ فريضة، فيجمع بين فضل القرآن وفضلِ تعقيب الصلاة.
ثمّ، إن القراءة المستمرة تهدف إلى الأنس بالقرآن، والذي يؤدي إلى زيادةِ التفاعل مع الآيات، وايجاد الأثر التربوي من الآية..
ففي القرآن وعدٌ ووعيد.. وعدٌ بنعيم الله للمؤمنين، وعدٌ بنصرةٍ كنصرةِ الله لأنبيائه، وعدٌ بخلاصِ كخلاصِ أصحاب الكهف، وتوبةٌ كتوبةِ الله على يونِس..
وفي القرآن وعيدٌ، وعيدٌ بعذاب الكافرين، وهلاكِ الظالمين، وتدمير كل طاغوتٍ متكبِّر لا يؤمن بيوم الحساب..
ومن الأنس في القرآن طريقُ التأمل في آياته، ثم تدبُّر كلماته وملامِسَة ِ عُمقِ معارفه.
ومن غريبِ الاعتقاد، بأنَّ القرآن لا يُدرك كلماته إلا العلماء الربانيون، متجاهِلاً، أن القرآن إنَّما نَزَل ذي بدءٍ على أمَّةٍ كافرة به، فكان سبباً في ايمانها! نعم، إن معرفة القرآن حقَّ معرفته، ومعرفته كلِّه لا يكون الا لمن خوطب به، وهم النبيّ وأهل بيته عليهم السلام، ولكن لا يعني عدم امكانية الاستفادة من بعض آياته.
فحتى لو كنتَ طالباً جامعياً شاباً مقبلاً على حياتك.. بل خصوصاً لأنَّك طالبٌ جامعيٌ شابٌ مقبلٌ على حياتك، لابد أن تزداد انساً بكتاب ربِّك.
فأمامك تحديات كثيرة.. ولابد أن تتهيأ لها، وطريقُ التهيئة هو تلاوة القرآن!
فدقِّق في قوله تعالى: (إنَّ لَكَ في النهار سَبحاً طويلا) الذي خاطب به الله سبحانه وتعالى في سورةٍ تعد باكورة السور القرآنية نزولا.. حيث حذَّر الله تعالى نبيَّه من تَعَبٍ ونَصّبٍ في مواجهة قومه، لكنه بيَّن له طريق الاستعداد لذلك قائلا: (ورتِّل القرآن ترتيلا)
فبالتحديد لأنك طالب جامعي وشاب مقبل على الحياة، لابد لك من الاستعداد، وجزء ذلك عن طريق ادامة تلاوة القرآن.
فطريقُ الفلاح في القرآن، ومن القرآن.. وقد قال أمير المؤمنين (ع):
وَ مَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى.
فهل يا تجد نفسك مستغنياً عن زيادةٍ في الهدى؟ أو نقصانٍ من عمى؟
فيا أخي.. من اليوم اجعل لنفسك برنامجاً منتظماً لقراءة القرآن، واعلم أنَّ «قليل يدوم خيرٌ من كثيرٍ لا يدوم»
ولزيادة البركة .. اجعل نيَّتك من القراءة اهداء ثواب كل جلسةٍ إلى أحد المعصومين عليهم السلام..
وكلما غفلت عن ذلك، أو شغلتك الحياة عن تأمل كلمات القرآن.. ذكِّر نفسك وقل:
«هل قرأتَ اليوم شيئاً من القرآن»؟
#قصاصات_جامعية