تأمل ما أثمره ذلك فيما قاله الله تعالى بعده: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 -64].
فثمرةُ رقابةِ الله ومعرفةِ هيمنته، تحقيق الولاية، وثمرة تحقيق الولاية السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: "والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم"
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل
خلوت ولكن قل عليَّ رقيب
ولا تحسبنَّ الله يغفل ساعةً
ولا أن ما تخفيه عنه يغيبُ
ألم ترَ أن اليوم أسرع ذاهبٍ
وأن غدًا للناظرين قريبُ
٣- أن يستشعر العبد هيمنة علَّام الغيوب على القلوب:
اقرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلبٍ واحدٍ يصرفه حيث يشاء))
فالإنسان إذا امتلك أسباب الدنيا كلها ليهيمن على قلب آخر، ما استطاع؛ لأن قلوب العباد بيد رب العباد سبحانه وتعالى، فلا يجهدن العبد نفسه في كسب وُدِّ الخَلْق ورضاهم، ولا يسعين لتعلوَ مكانتُه في قلوبهم، وأرْضِ المهيمن جلَّ جلالُه، يُرْضِ عنك عبادَه.
فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من التمس رضا الله بسخط الناس، رضيَ الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس))
فمن نسِيَ الله وراح يرضي الناس بأي وسيلة كانت، فلن تراه إلا مبغوضًا من الخَلْق وإن بدا له أحيانًا الوصول إلى مُبتغاه؛ فإنما هي فتنةٌ واستدراج، فإن الله تعالى إذا أحبَّ عبدًا، ألقى حبَّه في قلوب عباده، وإذا أبغضه، ألقى بغضه في قلوب عباده.
٤- أن يعيش العبد هادئًا مطمئنًا، متوكِّلًا عليه وحده، واثقًا فيه وحده:
فإذا عرف العبد أن الله هو المهيمن انقطعت آماله ممن سواه، فلا يتوكَّل إلا عليه، ولا يثق إلا فيه، ولا يستعين إلا به، ولا يلجأ إلا إليه، ومن كان هذا حاله، عاش هادئًا مطمئنًا، وانتقل من خيرٍ إلى خير، ومن رُقيٍّ إلى رُقيٍّ؛ لأنه إنما يعيش في كنف المهيمن جلَّ جلاله ولن يصيبه إلا ما قد قدَّره له.
٥- أن يكون العبد شجاعًا في الحق، يصدع به، ولا يخاف في الله لومةَ لائمٍ:
لأن المهيمن جلَّ جلاله يدفعه أن يتقوَّى بقوته، ويتعزَّزَ بعِزَّته، ويعمل في سبيل مرضاته غيرَ مُبالٍ بأحدٍ.
إن إبراهيم عليه السلام لما دار بينه وبين قومه ما دار؛ يقول تعالى: ﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 68، 69] ففي هذا الموقف الجَلَل أنَّى لإبراهيم أن ينجوَ من النار؟! ولكن المهيمن جلَّ جلاله حوَّل طبيعة تلك النار من مادة إحراق إلى مادة مليئة بالبَرَد والسلام.
٦- أن ندعوَ الله تعالى باسمه (المهيمن):
كأن يقول العبد مُناجيًا ربَّه: أسألك اللهمَّ باسمك المهيمن أن تؤمِّنَني من كل خوف، وتؤمِّنَ قلبي من كل ريبةٍ وشكٍّ، وتؤمِّن عقلي من كل ضلالٍ وزيغ.
#مبادرة_من_أحصاها