#سقف_الواجببينما نحن جلوس أيام العزاء في أمي-رحمها الله- إذ دخل علينا البيت معزيا أخ حبيب..
جاءني رأسا من مستشفى كان يعالج فيه من السرطان…حيث استأذن من إدارة المشفى لساعات قليلة ريثما يعود إليهم…
ومرضه نادر من نوعه، وهو في المرحلة الرابعة منه..
جاء بأكياسه وأنابيبه وعكازه الذي كان يتكئ عليه في يد، بينما يتكئ على همته وعزيمته في اليد الأخرى!!
وهالني ما رأيت…فقد كان هو والله الأولى بالزيارة والمؤازرة النفسية والأخوية..
سألته:
ما الذي أتى بك، وأنت على هذا الحال؟
أجابني مبتسما:
واجب الأخوة!!
قلت: كان يمكنك أن تؤديه بالهاتف مراسلة أو مهاتفة، أو حتى بالدعاء بظهر الغيب، فأنت معذور على كل حال..
قال: لم تطاوعني نفسي أن أتغيب عن تعزية أخي وتسليته في مصابه!!
هزتني كلماته، ونبرات صدقه، ورائع مواساته..
وتألمت لنفسي كثيرا..
فما أكثر ما أغيب عن نداءات الواجب وأنا الصحيح المعافى!!
وما أكثر استدعاء الأعذار في مواقف لم يكن يصلح معها إلا صدق النية، واحتساب الأجر، واستشعار الواجب!!
يظل المرء يرجع إلى الوراء في أمر الواجب حتى تتدنى همته في أمور يستدعي لها أعذاراً يستحي هو منها بينه وبين نفسه عندما يستحضرها لاحقا…
تماما كأعذار المنافقين يوم تبوك، عندما تعلل أحدهم بعنزته التي ولدت، وتعلل آخر بخوفه من فتنة نساء بني الأصفر، وهو يعلم أنه سيقاتل الرجال لا النساء، لكنه سقوط الهمة، واستحضار واهي الأعذار..
وكل حياتنا تبوك لو كنا نعلم… والناس فيها مواقف.. إما عثمان وإما صاحب العنزة!!
فارفعوا إخوتي من سقوف المروءات والشعور بالواجبات..فما أضاعنا إلا تدني السقوف، واختلاق الأعذار، وإرضاء النفس بما لا يليق منها..
والناس أحوج ما يكونون اليوم لبعضهم… في ظل محاولات إجبارهم على أن يعيشوا حياة نفسي نفسي… بينما فطرهم الله على غير ذلك..
الناس للناس من بدو وحاضرة
بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم.
بقي أن أطلب منكم الدعاء لأخينا محمد الذي أيقظ في النفس معنى الواجب حتى عند صعوبته بل وربما استحالته..
دعواتكم له بالشفاء، ولأنفسكم بأن يحبب الله إلى أنفسكم البر والصلة والواجب وحب العطاء..
فالدنيا بغير هذه المعاني قاسية قاحلة، وأي قاحلة!!
#خالد_حمدي