وكان شابًا شجاعًا نبيلًا، كلما تكدَّرت الحياة أو اشتدت عليه صعوباتها لم يزدد إلا توكلًا وحمدًا، مستمرًا في سعيه وطريقه الطويل العاثِر متألّمًا متأمِّلا في لذة الوصول التي ستنسيه كل ما عانى وصبر. قلبه في هذا الطريق بين ثبات حينًا وتقلُّب أحيانًا؛ يثبته فيه دعاؤه بـ «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» وهو يضرب على صدره موقظًا هذا القلب من غفلته أن لا تبتئس ولا تيأس فما عودنا ربنا إلا خيرًا وما عرفناه إلا برًّا منعمًا.
ينادي على نفسه كل حين أن يا نفس؛ تصبَّري ولا تجزعي، الذي خلق هذا الطريق خلق فيك أقدامًا تمشي وقلبًا شغوفًا يتشبث بالرضا وغاية لا تُنال إلا لصادق مثابر، لا توقفه العثرات بل يشتد بها عوده وتصقل بها روحه ولا يبرح قلبه يهتف كما عوّد لسانه دومًا أن ظننا بالله أنه لن يضيعنا..