أن استمرارك بنشر الدعوة إلى الله عز وجل ; يعطي تأثيره حتى على من هو معرض عن كلام ربه وغير مهتم لما تكتبه ، فوجودك في هذا الثغر يعطيه إشارة أن هنا طريق ممتد إلى الله عز وجل لا بد من سلوكه يوماً ما، فأنت بذلك تفتح له طريق للرجعة من حيث تعلم أو لا تعلم، فدعوتك إلى الله عز وجل لا تضيع هباءً سواءً اطُّلِع عليها أو أُعرِض عنها.
﴿ وَما أَعجَلَكَ عَن قَومِكَ يا موسى ٨٣ قالَ هُم أُولاءِ عَلى أَثَري وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى ٨٤ ﴾ طــه
وعجلت إليك ربّ لترضى، وفي آل عمران (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنّةٍ...)
وفي الحديث القدسي كما في البخاري ; يقول عز وجل : وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً.
فكن من المسارعين إلى رضوان الله عز وجل بالتقرب إليه بكل طاعة لتنطوي تحت رضوانه الذي هو فلاح الدنيا والآخرة.
يقول عز وجل أيضاً بالحديث القدسي : وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ البخاري.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
عبد الله بن الزبير كان ينشئه أبوه على معاني الجهاد، وكان يأخذه معه في الغزوات، وعبد الله بن الزبير كان صغيراً عمره إحدى عشر سنة ما يطيق القتال، فكان أبوه يجعله على فرس ويوكل به رجلاً يمسكه حتى لا يقتحم؛ لأن عبد الله بن الزبير كان رجلاً شجاعاً، مع أنه صغير، ولد شجاع، فكان يوكل به رجلاً فيمسكه، فماذا يفعل عبد الله بن الزبير، لما انهزم المشركون كما روى ابن المبارك في كتاب الجهاد، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أنه كان مع أبيه الزبير بن العوام يوم اليرموك، فلما انهزم المشركون حمل فجعل يجهز على جرحاهم "عبد الله بن الزبير عمره إحدى عشر سنة" ، ينظر أين جريح الكفار فيجهز عليه؛ لأنه ما سمح له أبوه يدخل المعركة لصغر سنة، لكنه يراقب يرى الطعان والقتال في أرض المعركة، فلما انتهت المعركة يمر على جرحى الكفرة فيجهز عليهم،
وعندما يكون أولاد المسلمين ينشئون هكذا يسمعون أخبار المجاهدين وأحوالهم ; الولد يتحمّس يقول: متى أجاهد؟ عبد الله بن عمر يُعرض على النبي أربعة عشر سنة يرده، خمسة عشر سنة يقبله، وهكذا.