تعلّقت عيني بأصابع يديها التي تتحرّك بانسيابية وبطء، يعلنان بوضوح عن سنوات عمرها التي تجاوزت الستين.تغزل خيوطًا من الصوف الداكن
🧶 لتتحوّل بين يديها إلى كوفية تكاد تشعر بدفئها من بعيد.
☀️حركات أناملها المتقنة وكأنها تحكي قصة حبّ خالدة.
ابتسمتُ وأسرعت نحوها وأنا أقبّل خدّها الناعم وأستمتع برائحة المسك التي تفوح منها كالعادة. ثم سألتها على حين غفلة:
“الحب أم الاهتمام؟!”
توقّف غزلها لبرهة، ثم ضحكت جدتي الجميلة وكأنها تسمع هذا السؤال لأول مرة.
نزعت نظارتها واعتدلت، وهي تضع الغزل بجانبها، ثم التفتت إليّ بعيونها التي تفيض دفئًا وقالت:
“الحب
♥، ما أجمله وأروعه بالفعل!
ولكنه يا صغيرتي كزهرة برية في الربيع
🪻، تنبت فتبهر الجميع وتسرق الأنظار بروعتها ثم… لا تلبث أن تذبل إن لم تجد من يسقيها!”
💦سألتها وقد أثار اهتمامي جوابها: “تقصدين أنه مشاعر مؤقتة؟”
شردت بنظرها بعيدًا وقالت:
“ليس دائمًا، ولكنه في كثير من الأحيان مشاعر عابرة.
الحب بمفهومك، وربما مفهوم جيل كامل من الشباب، هو مشاعر ملتهبة،
🔥 عيون لامعة، نظرات هائمة، ولمسات مشتعلة، كلمات غزل وقصائد شعر.
📇💌مشاعر تغزو القلب فتتفاعل معها أعضاء الجسد.
إنها تلك الرومانسية التي تقرؤونها في الروايات وتتابعونها في الأفلام.”
اعترضت قائلة: “ولكن جدتي، الحب يجعل القلب يخفق ودقاته تتسارع!”
💕ابتسمت بمكر وقالت: “وكذلك قطار الملاهي والقفز بالمظلات، يجعلان القلب يخفق أيضًا، ولكنه خفقان لا يدوم.
لا يلبث بعد فترة أن تهدأ المشاعر ويرجع القلب لدقاته العادية… كضوء القمر
🌙؛ يخطف الأنفاس بجماله ولكنه بعيد.”
وهكذا الحب تمامًا، يهدأ وينطفئ إذا لم تغذّه التفاصيل الصغيرة.”
قلت مفكّرة: “وماذا عن الاهتمام؟”
أمسكت جدتي بكوب الشاي الدافئ بين يديها وتابعت حديثها بابتسامة حانية تزيّن شفتيها:
“الاهتمام؟!
هو كالشمس
☀️، لا يخطف الأنفاس كالقمر، ولكنه يدفئك كل يوم دون أن تطلبيه.
هو تلك الرسالة الصباحية التي تسألك: هل تناولتِ فطورك؟
يد مهتمة تمتدّ لتزيل شعرة عالقة على كتفك.
كوب ماء يضعه أحدهم بجانب سريرك لأنك متعبة.
روح تلاحظ انتشاءك برائحة المسك، وتفضيلك للون الأحمر، واستمتاعك بشرب القهوة في الفنجان، وحبك لألعاب الألغاز.
إنها تلك التفاصيل الصغيرة
🫠 التي تنساب بين ثنايا الأيام، فتجعل الحياة أرق والقلب أكثر رحمة.”
ثم أضافت ضاحكة: “بل هو كالغزل الذي كنت أخيطه وأتيتِ أنتِ لتلهيني عنه.
خيط صغير فوق خيط صغير، حتى يتحوّل إلى كوفية تدفئ الروح وقبلها القلب.”
ثم سألتني: “هل تعلمين أن الاهتمام ذُكر في كتاب الله للدلالة على الحب؟”
تعجبت من كلامها وقلت: “كيف؟”
أجابتني قائلة:
“قال ربي سبحانه وتعالى:
‘وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً’لم يذكر الله عز وجل الحب في علاقة الزوجين، ولكنه ذكر المودة.
والفرق بينهما أن الحبّ هو ما استقر في القلب، والودّ هو ما ظهر في السلوك.
فكلّ ودود مُحبّ، وليس كل مُحبّ ودود.
فالحب وحده لا يكفي، أما إذا اقترن بأفعال
أو دعينا نطلق عليه اهتمامًا فهو الود.”
سكتُّ لبرهة ثم قلت بمشاكسة: “ولكن جدتي، كل القصائد والأشعار تتغنّى بالحب وليس بالاهتمام!”
😏قهقهت جدتي وهي تمسك بنظارتها وتضعها على وجهها، ثم تلتقط خيوطها لتبدأ الغزل من جديد وقالت:
“هذا لأنهم يحبون القصص اللامعة والسطحية، أما الاهتمام!!! فهو قصيدة سرية يكتبها المحبون بأفعالهم لا بكلماتهم.”
🥰أنهت جدتي كلامها، ولكنه ظل يتردّد في روحي ولم يلبث أن انطبع في أعماق قلبي واستقر هناك
💚لمتابعة القناة
⬅️https://t.center/HebaAbouShoushaللتواصل
⬅️@TawasoolWEstefsar_Bot#هبة_أ_أبو_شوشه #غفر_الله_لأمي #الحب_أم_الإهتمام