هل يُتصور عن موسى عليه السلام الذي اصطفاه ربه، وألقى عليه محبة منه، واصطنعه لنفسه، ألا يعيش في زمنٍ صعبٍ كزمن فرعون، وألا يكون هو الذي يواجهه؟
وهل يُتصور عن محمد ﷺ، وهو خير البرية، إمام المرسلين، الذي آتاه الله المقام المحمود دون الخلق كلهم، ألا يُبعث في زمن قد عمَّ فيه الظلام أهل الأرض، وحلَّ عليهم مقت الله، ليكون هو الذي يشق طريق النور في وسط الظلام، وهو الذي ينبري لدعوة الغارقين في الضلال المبين؟
فأزمنة الضعف والجهل والظلم والطغيان هذه، هي أزمنة المصطفين الأخيار، وهي من المنن التي يمن بها الله على المصلحين حتى يتم اقتداؤهم بالأنبياء، وحتى يرى الله منهم قياما بالحق يحبه في وجه الباطل، فاحمدوا الله على نعمة العيش في هذا الزمن، فلا أحسب العامل فيه بحقٍّ إلا من أراد له الله الدرجات العلى، برفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.