ها أنا أشتم رائحة الدجاج والحَمَامَ المحشي من شوارع مصر، وتخترق حلقي رائحة المنسفِ من شوارع الأردن، وأرى الخِراف المشوية المحشية في شوارع قطر والبحرين والإمارات، وتذيب قلبي وتعتصره رائحة الكبسة السعودية..تختلط روائح الأطعمة العربية في أنفي ولا أشَتَم إلا رائحة اللحم البشري المشوي في شوارع غزة، ويقرصنا الجوع على الأطْبَاقِ الفارغة.
هل تعلمون كم مضى اليوم على حرب غزة !؟ لقد أكملت الحرب هذا الصباح يومها ال400، قد تقولون يا الله، ما أسرع مرور الأيام، وما أشد تقلب الزمان، وكأن الحرب قد بدأت بالأمس !! نحن في غزة لا نشعر بمثل ما تشعرون، فهذه الأربعمائة يوم مرت بثقلها وفقدها وأوجاعها وآلامها كأنها والله 400 عام أو تزيد، بل إن اليوم في غزة بألف يوم لو كنتم تشعرون !! ماذا عنك أخي المسلم بعد مضي هذه الأيام الطويلة؟، هل ما زلت تشعر بهذه المدينة المتعبة، هل ما زلت تتابع أخبارها، وتدعو لأهلها، أم أنك قد مللت منها ونسيتها !! طوبى لمن جعل غزة في قلبه وبين ضلوعه، حتى لو تركها الجميع فلا يتركها، وحتى لو تخلى عنها الجميع فلا يتخلى عنها، حتى تتخلى عنه روحه، وتتركه حياته !!