لا شكوى إلَّا إليك،ولا اتِّكالًا إلا علَيك، اللَّهمَّ إنّا في حِرزِك وولايتِكَ ورعايتِك،لا معِزَّ لمن عادَيت،ولا مذِلَّ لمن والَيت ،إنَّ الأمرَ أمرُك، والقضاءَ قضاؤُك، فرُدَّ عنّا ما لا نستطيع نحن ردَّه،إنَّك وليُّ ذلك والقادر عليه،لا إله إلَّا أنت، بك نستنصِر وبكَ نستجير ونستعين
كُلُّ قيمةِ كلماتي كانت في أنّها تعويضٌ صفيقٌ وتافه لغيابِ السلاح وإنّما تنحدرُ الآن أمامَ شروقِ الرجال الحَقيقيين الذين يَموتون كُلَّ يومٍ في سبيلِ شيءٍ أحترمه.
لكن في نهاية المطاف بات السؤال المُؤججُ في عقلي كيف تتحول رائحة الياسمين إلى بارود، ورائحةُ الصباحِ إلى غيمٍ أسود، وتصبحُ أسمى الأمنيات قارورةُ ماءٍ ورغيفُ خبز، ويصبحُ العمرُ مجردَ حسبة إضافية تشطبها من روزنامة الحياة إذا لم يقصفها صاروخ، وتعرفُ أنّها تنفد؛ فما بين نزولك الدرج موت وإلى وصولك الشارع موت حتى أخذك النفس موت... أيُّ بلاء هذا وأيُّ صبر عظيم يلزمه؟ ويبقى عَزاؤنا أنّها دُنيا.
شكرناك على الرصاص مثلما شكرناك على المطر امنحنا خوفنا القديم كأن نعود إلى المنزل متأخرين قليلاً وظلٌّ غريب يتبعنا. نُحبُّ أحزاننا الكبرى، ولكن، امنحنا حزننا القديم وتعبنا القديم وخوفنا القديم يا الله
تموتُ الأحلام وتحيا الحروب . . تنطوي الأعوام وتنقضي أعمارنا ولا زالت الحروب قائمة تأكلنا وتأكل كل شيء، حتى الوطن عجز عن احتوائنا وأصبح لا يحتوي إلا الجثث المرمية على قوارع الطرقات وبرك الدم التي تنصبُّ في بئر مجلس العار الدولي، أصبحنا نعيشُ في عالمٍ لا يؤمنُ بالإنسانية، نعيشُ في بقايا وطن وصلنا فيه إلى مرحلة ما بعد الضياع.
"ما يصيبُ المسلم، من نصبٍ ولا وصب، ولا همٍّ ولا حزنٍ ولا أذًى ولا غم، حتى الشوكة يشاكُها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه"
حتى الشوكة يا رب! حتى الشوكة! فكيف بالصواريخ والقذائف التي تنهال علينا من كل صوبٍ وحدب؟ الحمدلله أن أنعم علينا بالإسلام، اللهم أفرغ علينا صبرًا وثبّت أقدامنا.