•
لما مات الوليد بن عبد الملك وتولّى أخوه سليمان، عزَل يزيدَ بن أبي مسلمٍ وأُحضِر إليه، وكان رجلاً قصيرًا دميمًا قبيحَ الوجهِ عظيمَ البطنِ تحتقره العينُ,
فلما نظرَ إليه سليمان قال: أنت يزيدُ بن أبي مسلم؟
قال: نعم، أصلحَ اللهُ أميرَ المؤمنين.
قال: لعَن الله من أشركك في أمانتِه، وحكّمك في دينه.
قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين؛ فإنك رأيتني والأمور مدبرة عني؛ ولو رأيتني والأمور مقبلة عليّ؛ لاستعظمت ما استصغرت، ولاستجللت ما احتقرت!
فقال سليمان: قاتله الله، فما أسدَّ عقله وأعصب لسانه!,
ثم قال سليمانُ: أترى صاحبك الحَجاج يهوي بعد في نار جهنم أم قد استقر في قعرها؟!
فقال يزيد: لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين؛ فإنه يُحشر غدًا عن يمين أبيك ويسار أخيك، فضعهما حيثُ شِئت.
قال سليمان: قاتله الله، فما أوفاه لصاحبه! إذا اصطنعت الرِّجال؛ فلتصطنع مثل هذا,
ثم كشف عنه سليمان، فلم يجد عليه خيانة دينارًا ولا درهمًا ؛ فهمّ باستكتابه,
فقال له عمر بن عبد العزيز: أنشدك الله يا أميرَ المؤمنين أن لا تُحيي ذِكْر الحَجاج باستكتابك كاتبه.
فقال: يا أبا حفص، إنّي كشفتُ عنه؛ فلم أجد عليه خيانةً.
فقال عمر: أنا أوجدك من هو أعف عن الدينار والدرهم منه.
فقال سليمان: من هذا ؟!
قال: إبليس، ما مس دينارًا ولا درهمًا بيده وقد أهلك هذا الخلق؛ فتركه سليمان.
#انظر_غير_مأمور تاريخ دمشق لابن عساكر (٦٥/ ٣٩٢) وفيات الأعيان (٦/ ٣١٠) والوافي بالوفيات (٢٨/٤٢) وأخبار وحكايات للغساني ( ٢٧-٣١).
•°