لا تعوّد نفسك الانسحاب..
بعض المعارك تحتاج إلى طول نَفَس، هذا سلاحها الأعظم، المُغَلّف باليقين، إن اعتدت كثرة الهروب لن تجدَ من خطاكَ معنًى يَسُرُّك، بل يَضُرُّك، بعض الميادين تحتاج إلى ذاك الصّبر الطويل، والمحاولة الدائمة، وبعضها يأخذ منك أكثر ممّا يُعطيك، وقد تنزف وأنت تسير فيه، وتبكي على حَافّة الوصول، وتَعرُج قدماك على لحن التَّعَب
إن اعتَدتَ ترك الكتاب لأنه لا يعجبك، وإهمال الفكرة لأنها لا تليق بك، وترك الصلاة بوقتها لأنها تشغلك!! كيف بك وأنت في قلب المعركة! كيف ترنو هدفًا لا تسير إليه، وتبكي حُلمًا لا تجتهد عليه، كيف بك تُكثر الأحلام بلا إقدام! أيَصِل من لا يسير؟
جُلّ ما نَمُرّ فيه من عجز، جوابه «المَلَل» أصبحنا لا نصبر على شيء، تبهرنا العناوين البَرّاقة، والكلمات المزخرفة، تجذبنا الطّرق السريعة، ثم لا نهتم إن كانت تَصِل بنا أم تقطعنا في المنتصف!
يااا أخي اعكُف على كتابٍ تقرؤه لأن «المرة الواحدة لا تكفي» اعكُف على تدريب نفسك عادةً تُحبّها وسلوكًا يجذبك، اعكُف على فكرتك حتى تصير واقعًا تحياه، اعكُف ودَع عنك كثرة الشكوى، وحبّ الشفقة، ووهم الانشغال، وادّعاء المعرفة، اعكُف في ميدانك، حيث أنت، بلا مواربة، ولا كثير كلام، بلا تصفُّحٍ زائد ومتابعة ما فعل فلان!! بل توكّل ثم اعمل، لو لمَ يعلم عنك أحد.. «وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ».
- ثم اقرأ قول المتنبي:
وأنْ تَـرِدَ المـاءَ الـذي شَـطْـرُهُ دَمٌ
فتُسقَى إذا لم يُسْقَ مَن لم يُزاحِمِ
لذلك = اعكُف ألف يوم، لحصادِ يوم واحد ~
🖊قصي العسيلي