"إن المرأة المسلمة يجب أن تتعلم، ويجب أن تتهذب، لكن بشرط أن يكون ذلك في دائرة دينها وبأخلاق دينها، وأن الإسلام ضمن لها حقوق الإنسان كاملة، وحاطها من جميع الجهات بما يجبر ضعفها الطبيعي، وأقرّها في أحضان البر والتكرمة بنتًا وزوجًا وأمًّا، وهي أطوارها التي تجتازها في الحياة، وحدد لها الوظيفة التي حددتها لها الفطرة، وهي أشرف الوظائف الإنسانية بل هي الإنسانية في أول مراتبها، وأعطاها من الماديات والمعنويات ما لم تعطها شريعة سماوية ولا قانون وضعي، وألزمها أن تتعلم كما ألزم الرجل أن يتعلم، لأنه سوّى بينهما في التكاليف، والتكاليف لا تؤدَّى إلا بالعلم، وأوجبَ عليهما العشرة، والعشرة لا تصلح إلا على العلم وجعلها مغرسًا للنسل، وغارسةً للخصائص فيه، ومتعهّدةً له بالسقي والإصلاح، وكل هذا لا يتم إلا بالعلم، وإذا كانت تربية النحل والدود تفتقر إلى العلم، فكيف لا تفتقر إليه تربية الإنسان؟ فإذا جهلت المرأة أتعبت الزوج، وأفسدت الأولاد، وأهلكت الأمة".
والعظمة الحقّة -عظمة الخير والجمال والمنفعة- مستمدة عناصرها الأولى من ينابيع النبوة، التي هي مثال لتصفية النفس من كثافة المادة وكدورة الأثرة، فهي متصلة بالله، شعر البشر بذلك أو لم يشعروا، واعترفوا بالألوهية أو جحدوا، فكل عظيم أفاد وهدى ونفع وأسعد، فهو سائر على قدم النبوة، أو هو حواري لمست روحه شرارة من قبس النبوة.
يموت العظماء فلا يندثر منهم إلا العنصر الترابي الذي يرجع إلى أصله، وتبقى معانيهم الحيّة في الأرض، قوة تحرّك، ورابطة تجمع، ونورًا يهدي، وعطرًا ينعش، وهذا هو معنى العظمة، وهذا هو معنى كون العظمة خلودًا، فإن كل ما يخلّف العظماء من ميراث، هو أعمال يحتذيها من بعدهم، وأفكار يهتدون بها في الحياة، وآثار مشهودة ينتفعون بها، وأمجاد يعتزون بها ويفخرون.
"وقل ما شئت في الحوادث، قل إنها تفرق الجمع، وقل إنها تشتت الشمل، وقل إنها تريق الدموع والدماء، ولكن يجب أن تقول أيضا: إنها تجمع القلوب على التعاطف، وتمهّد للبعداء أسباب التعارف"
والكرماء المحسنون في الأمم من نفحات الله، ففيهم من آثار رحمته سِمة، وعليهم من شمولها مسحة، وعندهم أن غاية المال محامده وفضائله، وأن ثمرته رفع الذكر، وإعلاء القدر، وأن ادخار صنائع المعروف خير من ادخار المال.
"وطهِّروا أنفسكم وعقولكم من هذه العقائد الباطلة الرائجة بين المسلمين اليوم، فإنها أهلكتهم وأضلّتهم عن سواء السبيل، وإياكم والبدع في الدين فإنها مفسدة له، وكل ما خالف السنة الثابتة عن نبينا ﷺ فهو بدعة"
أما الحب الصحيح لمحمد ﷺ فهو الذي يدع صاحبه عن البدع، ويحمله على الاقتداء الصحيح، كما كان السلف يحبّونه، فيُحْيُون سننه، ويذودون عن شريعته ودينه، من غير أن يقيموا له الموالد.
يا أبناءنا.. إن الحياة قسمان: حياة علمية، وحياة عملية، وإن الثانية منهما تنبني على الأولى قوةً وضعفًا، وإنتاجًا وعُقمًا، وإنكم لا تكونون أقوياء في العمل إلا إذا كنتم أقوياء في العلم، ولا تكونون أقوياء في العلم إلا إذا انقطعتم له، ووقفتم عليه الوقت كله، إن العلم لا يعطي القياد إلا لمن مهره السهاد، وصرف إليه أعنّة الاجتهاد.
ما كان للمسلم أن يخاف الموت وهو يعلم أنه كتاب مؤجّل، وما كان للمسلم أن يبخل بماله أو بمهجته في سبيل الله والانتصار لدينه وهو يعلم أنها قُربة إلى الله، وما كان له أن يرضى الدنيّة في دينه إذا رضيها في دنياه.
وشتّان ما بين من يبذل مهجته في سبيل الله وتثبيت دينه الحق في الأرض، وبين من يكذب وعده ويشترط على رسوله، ويتألّى عليه أن يؤتيه الملك والعز وهو نائم ناعم ويستعلي على خلقه!
والإعداد الروحي يجعل المسلم موقنًا بأنه إذا مات في سبيل الله ينتقل من حياةٍ بعضها شقاء إلى حياة كلها سعادة، فكونوا مسلمين كاملين، أي كونوا عاملين في سبيل الله، وإياكم أن تكونوا أنصاف أو أرباع مسلمين!