ما أقف خلف الإمام، ولا أكبِّرُ في صلاة جنازة، إلا وتعود بي الذكرى، وتهيج في قلبي مشاعر الشوق، لأيام قضيتها في مكة، وللحظات عشتها في المدينة...
كانت أوَّلَ صلاة صليتها في حياتي مستحضرا معانيها، مثقلا بلوعة الفراق فيها: قبل نحو عشر سنوات، يوم توفّيَ جدِّي، فأظلمت دار أخوالي...
وإن كان للمرء أن يحزن، وقد تبلَّدَت مشاعره، وجفَّ الدمع في عينيه، فإنه لا يستحضر إلا ساعات الأنس، وليالي السمر، وهنائه وقتَ اللقاء...
مقارنا ذلك بواقع حاله، وحال واقعه، مستوحشا في ليله، ذاكرا سالف الزمان، وغابر الأيام...
آسِفًا على قرار حرمه الصلاة على إخوانه، متقطعا قلبه على عجزه عن تقبيلهم، وتوديعهم الوداع الأخير...
مضت ساعتان وأنا أحاول لملمة هذه المشاعر، على غبش في الرؤية، وضعف في التعبير، وما إخالني أعربت عن شيء...
ليس الدمع كالبيان!